المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

663

إشكال في هدمه للدلالة التصوّرية للعموم؛ إذ الأداة موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المدخول، والمدخول هنا هو العالم العادل، لا العالم، ولو كان متّصلا ولكنّه كان في جملة مستقلّة، كأن يقول: (أكرم كلّ عالم و لا تكرم العالم الفاسق) فهنا يقال بأنّ الظهور التصوّري في العموم لم ينثلم إلاّ على مبنى اختصصنا به، وهو دعوى وضع جديد لسياق اجتماع جملتين إحداهما خاصّ والاُخرى عامّ فوق وضع نفس الجملتين، ويندك وضع نفس الجملتين في وضع سياقهما لعموم مقتطع منه الخاصّ، وبناءً على ما ذهبوا إليه من عدم انثلام الظهور التصوّري يكون الوجه في تقديم المخصّص المتّصل الذي هو في جملة مستقلّة أحد أمرين: إمّا الأظهريّة. وأمّا دعوى تباني العقلاء على أنّهم حينما يريدون تفسير مرادهم يفسّرون العامّ بالخاصّ دون العكس، ومختار المحقّق النائيني(رحمه الله) هو الثاني، فالخاصّ المتّصل يقدّم على العامّ، لا للاظهريّة، بل لهدمه لظهور العامّ بالقرينيّة حسب بناء العقلاء. وأمّا لو كان المخصّص منفصلا فيضاف دعوى بناء عقلائي آخر حتّى يتمّ التخصيص، وهو البناء على جعل ما يكون حين الاتّصال قرينة هادمة للظهور قرينة هادمة للحجّيّة حين الانفصال، أي: إنّ العقلاء حينما لم يضطّرّوا إلى تأجيل تفسير مرادهم يفسّرون العامّ بالخاصّ دون العكس، وحينما يضطرّون إلى تأجيل التفسير يؤجِلون التفسير، لكنّهم يتحفّظون على نفس طريقتهم في التفسير المتّصل، فيجعلون ما هو مفسّر حين الاتّصال مفسّراً حين الانفصال، فما يرفع الظهور التصديقي الجدّي حين الاتّصال يرفع الحجّيّة حين الانفصال.

والمدّعى في المقام تطبيق نفس هذه الكبريات على مجموع الأدلّة الثلاثة، أعني قوله: (أكرم العلماء) وقوله: ( لا تكرم العلماء) وقوله: (لا تكرم فسّاق العلماء) فيقال: إنّه لو ضمّ بعضها إلى بعضها إلى بعض بأن قال المتكلم: (أكرم العلماء، ولا تكرم العلماء، ولا تكرم فسّاق العلماء) أصبح ظاهر الكلام هو تخصيص النهي عن الإكرام بخصوص فسّاق العلماء، فعند الانفصال ـ أيضاً ـ يخصّص النهي بفسّاقهم، لكن لا بانهدام الظهور في غير الفسّاق، وإنّما بانهدام الحجّيّة فيه.

ولكنّ التحقيق: أنّه لا يمكن تطبيق تلك الكبريات في المقام، فإنّنا نقول: ما الذي اُريد جعله قرينة على تخصيص (لا تكرم العلمآء)؟ هل هو العامّ الأوّل، أعني قوله: (أكرم العلماء) أو مجموع العامّ الأوّل مع الدليل الثالث، اعني (أكرم العلماء) مع (لا تكرم فسّاق العلماء)؟

فإن قيل بالأوّل، قلنا: إنّ قوله: (أكرم العلماء) ليس على تقدير اتّصاله بقوله: (لا تكرم العلماء) قرينة هادمة لظهوره حتّى يكون الآن قرينة هادمة لحجّيّته، بل على تقدير الاتّصال