المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

664

يقع التهافت والتعارض بينهما. وإن قيل بالثاني، أعني أنّ مجموع العامّ الأوّل مع الدليل الثالث قرينة على تخصيص قوله: (لا تكرم العلماء) قلنا: إنّ هذا المجموع بما هو مجموع لو كان موجوداً متّصلا بقوله: (لا تكرم العلماء) لهدم ظهوره في العموم بالقرينية على التخصيص. إذن لو وجد منفصلا عنه لهدم حجّيّته في العموم بالقرينيّة على التخصيص عملا بالبناء العقلائي المفروض، وهو أنّ ما يكون عند اتّصاله قرينة هادمة للظهور يكون عند انفصاله قرينة هادمة للحجّيّة، ولكنّ هذا المجموع بما هو مجموع لم يوجد منفصلا عن قوله: (لا تكرم العلماء) وإنّما وجد الجميع بشكل متقطع.

والخلاصة: أنّ ما هو هادم للظهور بالقرينية عند الاتّصال هو مجموع الدليل الأوّل والثالث مجتمعين في كلام واحد، وما وجد بالفعل منفصلا عن (لا تكرم العلماء) هو الدليل الأوّل والثالث غير مجتمعين في دليل واحد، فلا ينطبق عليه البناء العقلائي القائل بأنّ ما يهدم الظهور بالقرينيّة عند الاتّصال يهدم الحجّيّة بالقرينيّة عند الانفصال، فتتميم المطلب يحتاج إلى دعوى بناء عقلائي جديد لم يدّعه المحقّق النائيني (رحمه الله) ولا ندّعيه.

هذا كلّه لو مشينا على مسلك المحقّق النائيني (رحمه الله) في تقديم الخاصّ على العامّ من أنّ ما يكون قرينة رافعة للظهور عند الاتّصال يكون قرينة رافعة للحجّيّة عند الانفصال.

وقد عرفت فيما مضى أنّنا وافقنا على هذا الكلام مع تطوير له، وإرجاع له إلى مسألة دوران الأمر في ارتكاب المؤونة بين الأقلّ والأكثر، حيث إنّ الفصل بين العامّ والخاصّ والذي هو فصل بين القرينة وذي القرينة مؤونة، وكون العام هو القرينة على الخاصّ دون العكس مؤونة اُخرى، ونحن نقطع بوقوع المؤونة الاُولى، ولكن المؤونة الثانية مشكوكة في المقام، فتنفى بالأصل.

وقد يتخيّل أنّ هذا البيان يأتي في ما نحن فيه؛ لأنّ الفصل بين الثلاثة مؤونة، ونحن نقطع بوقوعها، ولو وصل بعضها ببعض لكانت النتيجة اختصاص قوله: (لا تكرم العلماء) بفساق العلماء، فافتراض إرادة معنىً آخر غير هذا مؤونة زائدة تنفى بالأصل.

ولكنّ التحقيق خلاف ذلك؛ لأنّه حتّى على تخصيص النهي بالفسّاق لا بدّ من افتراض مؤونة زائدة في المقام؛ لأنّه لو فرض كون المقصود من قوله: (لا تكرم العلماء) هو فسّاق العلماء، فالذي يصلح للقرينيّة إنّما هو مجموع النصّ الأوّل والثالث متّصلين، وهذا المجموع بشكل متّصل ليس موجوداً حتّى يقال: إنّ ذات القرينة موجودة إلاّ أنّها فصلت عن ذي القرينة، إذن فالقرينة الفعلية على هذا الفرض عبارة عن مجموع النصّ الأوّل والثالث مع