المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

665

انفصال أحدهما عن الآخر، وهذا بنفسه مؤونة زائدة(1).

 

إمكان تقديم لحاظ العام مع الخاص وأخذ النسبة بينه و بين معارضه في المرتبة المتأخرة عن لحاظه مع الخاص:

المقام الثاني: في أنّه لو تمّ القول بانقلاب النسبة على تقدير لحاظ نسبة العامّ مع المخصّص قبل نسبته مع العامّ الآخر مثلا، فهل هناك مبرّر لتقديم لحاظه مع الخاصّ وأخذ النسبة بينه وبين معارضه في المرتبة المتأخّرة عن لحاظه مع الخاصّ، أو لا؟

قد يقال: إنّ المبرّر لذلك هو أنّنا بهذا الوجه نكون قد عملنا بكلّ الأدّلة ولو في الجملة، بخلاف ما لولا حظنا أوّلا العامّين واسقطناهما بالمعارضة، ثمّ رجعنا إلى المخصّص، فإنّ هذا يستلزم طرح الدليلين بكاملهما، وهكذا لو فرضنا عامّين من وجه مع مخصّص يخرج مادّة الافتراق من أحدهما، كما لو قال: (أكرم العلماء) ـ ولنفرض أنّهم ينقسمون إلى بصريين وكوفيين ـ وقال: (لا تكرم الكوفيين) وقال أيضاً: (لا تكرم العالم البصري) فإنّه لو خصّص الدليل الأوّل بالثالث، ثمّ خصّص به الثاني، فقد عملنا بكلّ الأدلّة ولو في الجملة، ولو اُوقع التعارض أوّلا بين العامّين من وجه، وسقطا في مادّة الاجتماع، وبقيت مادّة الافتراق (لأكرم العلماء) معارضة لقوله: (لا تكرم العالم البصري) فلو قدّم الدليل الأوّل على الثالث لزم إلغاء الثالث كاملا، ولو عكس لزم إلغاء الأوّل كاملا، ففراراً من طرح دليل ما بشكل كامل نلتزم بملاحظة نسبة العامّ مع الخاصّ قبل لحاظها مع العامّ الآخر.

ويرد عليه: أنّ مجرّد طرح دليل بكامله ليس فيه محذور، وإنّما الذي فيه محذور هو طرح دليل من دون مبرّر للطرح، والكلام إنّما هو في أنّه هل هناك مبرّر للطرح، أو لا؟ ولماذا يفترض لحاظ نسبة العامّ مع مخصّصه أوّلا ثمّ لا يبقى مجال للطرح؟ ولماذا لا يكون العكس، بأن تلحظ النسبة بين العامّين، ويقال مثلا: إنّهما سقطا بمبرّر وهو المعارضة، ثمّ يرجع إلى الخاصّ؟

ويمكن أن يقال: إنّ ما مضى من تقريب كبرى انقلاب النسبة على تقدير لحاظ نسبة


(1) وأما لو بنينا على تقديم الخاصّ على العامّ بالأقوائيّة في الظهور فأيضاً هذا لا يبرّر تقديم قوله: (أكرم العلماء) على قوله: (لا تكرم العلماء) بالأخصّصيّة بعد فرض تخصيصه بلا تكرم فسّاق العلماء؛ لأنّ قوله: (أكرم العلماء) يساوي في حدّ ذاته في الظهور قوله: (لا تكرم العلماء) والمخصّص المنفصل له لا يقوّي ظهوره، فإنّ الكلام المنفصل عن كلام آخر كما لا يهدم ظهوره كذلك لا يقوّيه.