المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

669

يستحبّ إكرام السنّي من العراق الفاسق في مذهبه)، وهذا يخصّص العامّ الأوّل، وقال: (لا يكره إكرام السنّي من العراق) وهذا يخصّص العامّ الثاني. فإن فرضنا عدم التعارض بين الخاصّين كما في هذا المثال خصّص كلّ عامّ بمخصّصه، ونتيجة ذلك بناءً على انقلاب النسبة أنّ المخصَّص بأعمّ المخصّصين يكون أخصّ من الآخر؛ لأنّ نقيض الأعمّ أخصّ.

وإن فرضنا التعارض بينهما كما لو قال: (يكره إكرام الفاسق السنّي من العراق) وهذا مخصّص للعامّ الأوّل، وقال: (لا يكره إكرام السنّي من العراق) وهذا مخصّص للعامّ الثاني، فعندئذ يخصّص أعمّ الخاصّين بأخصّهما، ثمّ يخصّص كلّ من العامّين بمخصّصه، وتكون النسبة بين العامّين بعد التخصيص عموماً من وجه، ونعامل معهما معاملة العموم من وجه، لا التباين، أي: لا نوقع التعارض بين السندين، وإنّما التعارض في مادّة الاجتماع.

الشق الرابع: أن نفرض أنّ النسبة بين موضوعي المخصّصين التساوي، كما لو قال: (لا يستحبّ إكرام العراقي الفاسق) وهذا مخصّص العامّ الأوّل، وقال: (لا يكره إكرام العراقي الفاسق) وهذا مخصّص للعامّ الثاني، فنخصّص كلاّ من العامّين بمخصّصه، وتبقى نسبة التباين على حالها؛ لأنّ ما خرج من أحدهما بنفسه هو عين ما خرج من الآخر.

وخلاصة الكلام: أنّ كبرى انقلاب النسبة تعني صيرورة مالم يكن قرينة قبل خروج شيء منه بالقرينة قرينة بعد خروجه منه بذلك. وأمّا انقلاب التعارض التبايني إلى التعارض بنحو العموم من وجه، فهي كبرى اُخرى غير كبرى انقلاب النسبة، والكبرى الاُولى غير مقبولة لما عرفت، والكبرى الثانية مقبولة بلا إشكال؛ لأنّ المعارض في الحقيقة إنّما هو المقدار الذي يكون حجّة كما عرفت، أي: إنّ المقدار الذي لا يكون حجّة لا معنىً لمزاحمته لحجّيّة مفاد الخبر الآخر.

وعليه، فلو كان عندنا عامّان وخصّص أحدهما بمخصّص فصار أخصّ من الآخر، فتخصيص العامّ الآخر به مبني على انقلاب النسبة(1)، ولو خصّص كلّ منهما بمخصّص مع استيعاب المخصّصين لتمام أفراد موضوع العامّ ارتفع التعارض، ولم يرتبط ذلك بكبرى انقلاب النسبة، ومع عدم الاستيعاب تصبح النسبة بين العاميّن عموماً من وجه إذا أخرج كلّ منهما من عامّه غير ما أخرجه الآخر من عامّه، ونعامل معهما معاملة العموم من وجه، لا


(1) ولكن حجّيّة العامّ الآخر في ما سقط العامّ الأوّل عن حجّيّته ليس مبنيّاً على انقلاب النسبة، فإنّه يكفي في حجّيّته في ذاك المورد سقوط مزاحمه عن اقتضاء الحجّيّة في ذاك المورد.