المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

67

فإن قلت: لا بأس بذلك، ولتكن نفس هذه الرواية عندئذ دليلاً على حجّيّة الاستصحاب المثبت للوازم.

قلت: إنّ ظاهر تعليل الصحّة باستصحاب عدم النجاسة هو أنّ المصحّح للصلاة نفس عدم النجاسة السابقة، لا ما يلزم من ذلك من عدم كون النجاسة الفعلية بقائية.

وعليه، فالحالة الفارقة في المقام إنّما هي الحالة الاُولى، وهي وقوع القسم الأوّل من الصلاة في الثوب النجس، وإنّما كان ذلك مبطلاً للصلاة لحصول العلم بالنجاسة في أثناء الصلاة. وهذا بخلاف فرضيّة الفقرة الثالثة للحديث، فإنّ النجاسة لم يعلم بها إلى أن انتهى من الصلاة، وكون هذا فارقاً ليس على خلاف ارتكاز عرفي.

والحاصل: لو كنّا وإطلاق أدلّة ما نعيّة النجاسة لكنّا نقول بما نعيّتها مطلقاً، لكنّنا نخرج عن هذا الإطلاق بمقتضى هذا الحديث بناءً على تفسيرهم للفقرة الثالثة، وبمقتضى أحاديث اُخرى دلّت على صحّة الصلاة في الثوب النجس مع الجهل، فنقول: إنّ هنا قيداً لموضوع المانعيّة، وهو أن تصبح النجاسة معلومة في الصلاة ولو بوجودها البقائي فيها، أو تتنجّز بأيّ منجّز آخر غير العلم كالبيّنة، وحيث إنّ هذا القيد لم يكن حاصلاً في فرضيّة الفقرة الثالثة حكم الإمام(عليه السلام) بالصحّة، وحيث إنّه كان حاصلاً في فرضية الفقرة السادسة فصّل الإمام(عليه السلام) بين ما إذا علم بأنّ النجاسة كانت ثابتة من أوّل الأمر وما إذا شكّ في ذلك، فإن علم بذلك بطلت الصلاة، وإن شكّ في ذلك جرى استصحاب عدم النجاسة، وحكم بصحة الصلاة.

وأمّا كون هذه صحّة واقعيّة أو ظاهريّة؟ فإن قلنا: إنّ قيد المانعية هو تنجّز النجاسة ولو بوجودها البقائي، كانت الصحّة ظاهرية، وإن قلنا: إنّه هو تنجّز نفس القطعة المبطلة من النجاسة ولو كان تنجزها متاخّراً عنها زماناً، فالاستصحاب هنا رافع لهذا التنجز، صحّت الصلاة واقعاً. والظاهر هو الأوّل؛ لأنّ ظاهر استدلاله(عليه السلام) بالاستصحاب الذي هو حكم ظاهري هو الاستدلال به بما هو حكم ظاهري ينجّز الواقع ويعذّر عنه.

 

كيفية الاستدلال بالرواية:

وبعد هذا كلّه نشرع في الكلام في أصل ما هو المقصود إثباته من هذا الحديث وهو الاستصحاب الذي يستفاد من الفقرة الثالثة والسادسة.

ولنبدأ أوّلاً بالكلام في الفقرة الثالثة، واليك نصّ السؤال والجواب: (فإن ظننت أنّه قد