المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

671

الأوّل: أن ينصبّ العلم الإجمالي بالكذب ابتداءً على السند، كما لو علمنا إجمالا أنّ أحد الراويين لم يسمع ما ينقله من الإمام(عليه السلام) بل كذب عملا، أو أخطأ، وفي مثل ذلك يقع التعارض في السند حتّى لو فرض أنّ النسبة بين المضمونين نسبة القرينة وذي القرينة كالعموم والخصوص المطلق مثلا، فلا يقدّم الخاصّ على العامّ بدعوى القرينيّة والتخصيص، بل يتعارضان.

إلاّ أنّ الغالب والعادة في المتعارضين ليس هو هذا، فإنّنا عادة نحتمل صدق كلا الراويين حتّى لو فرض التعارض التبايني بين المضمونين؛ إذ نحتمل أن يكون كلّ من الكلامين صادراً من الإمام (عليه السلام) إلاّ أنّ أحد الظهورين غير مراد استعمالا أو جدّاً ولو بأن يكون أحدهما وارداً تقيّة.

نعم، نعلم إجمالا بكذب أحد الظهورين، أي: إنّه على تقدير صدورهما معاً من الإمام فأحدهما غير مقصود، فالمعارضة أوّلا وبالذات بين الظهورين والدلالتين، لا السندين.

الثاني: أن يتعدّى التعارض من الدلالتين إلى السندين، وذلك ببيان مطلب:، إمّا بصيغته المشهورية، أو بعد تعميقه، ونذكر هنا صيغته المشهورية، وهي: أنّه بعد أن وقوع التعارض بين الدلالتين فإن أمكن حلّه في نفس دائرة الدلالات بالجمع العرفي بينهما، فهو، وإلاّ استحكم التعارض بينهما، فوقع التساقط و الاجمال، و عندئذ يكون التعبّد بسند المجمل لغواً، فتسقط حجّيّة السند لأجل اللغوية.

إذا عرفت هذا فنقول: ما معنى دعوى التعارض بين الأدلّة الاربعة؟ فإن كان المقصود التعارض بينها بالملاك الأوّل، أي: إنّه انصبّ العلم الإجمالي بالكذب على أحد الأسانيد ابتداءً، فهذا واضح البطلان؛ إذ عادة نحتمل صدق الجميع مع كذب بعض الظهورات ولو بمعنى صدوره للتقيّة. وإن كان المقصود دعوى التعارض بين الدلالات ثمّ سريانه بعد استحكامه في دائرة الدلالات إلى دائرة الأسانيد، قلنا: إنّ سريان التعارض إلى الأسانيد الأربعة بأن يتشكّل منها تعارض سندي واحد رباعي الأطراف إنّما يكون لو فرض تعارض دلالي رباعي الأطراف مستحكم في دائرته، وهذا معناه أنّ كلّ ظهور من الظهورات الأربعة يعارض مجموع الظهورات الثلاثة الاُخرى من دون إمكان حلّه، وعندئذ لو أردنا أن نتمشى مع صيغة التعارض الرباعي قلنا: إنّ تعارض الخاصّ الأوّل مع مجموع العامّين والخاصّ الثاني محلول؛ لأنّ هذا الخاصّ مقدّم على عامّه، والمقدّم على أحد أجزاء المجموع مقدّم على المجموع.