المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

672

وبكلمة اُخرى: أنّ المرّكب من المحكوم وغير المحكوم محكوم، وتعارض الخاصّ الثاني مع مجموع العامّين والخاصّ الأوّل ـ أيضاً ـ محلول؛ لأنّ الخاصّ الثاني مقدّم على عامّه، فهو مقدّم على المجموع، فالتعارض إنّما يبقى مستحكماً بين العامّين، فيتعدّى إلى سندهما فقط.

والصحيح: أنّه ليس هنا تعارض دلالي رباعي الأطراف، وإنّما هنا ثلاث تعارضات دلاليّة، كلّ واحد منها ثنائيّ الأطراف، فيجب أن نحسب حساب كلّ واحد منها مستقلاّ، لنرى هل يكون مستحكماً في دائرة الظهور حتّى يسري إلى دائرة السند أولا؟.

الأوّل: هو التعارض بين العامّ الأوّل وخاصه. وهذا تعارض ثنائي الأطراف، فإنّ كلاّ منهما لو فرض صدق صاحبه لسقط، ولا يؤثّر في ذلك صدق الباقي أو كذبه. وهذا التعارض ليس مستحكماً بين طرفيه في دائرة الظهور؛ لأنّ الخاصّ يتقدّم على العامّ، فلا يسري إلى السند.

الثاني: هو التعارض بين العامّ الثاني وخاصّه. وهذا ـ أيضاً ـ تعارض ثنائي الأطراف، فإنّ كلاّ منهما لو فرض صدق صاحبه لسقط، ولا يؤثّر في ذلك صدق الباقي وكذبه. وهذا التعارض ـ ايضاً ـ محلول بتقدّم الخاصّ على العامّ، فلا يسري إلى السند.

الثالث: هو التعارض بين العامّين في مادّة الاجتماع، وهو مستحكم في المقام؛ إذ لا يمكن تقديم أحد العامّين على الآخر وجعله مخصّصاً له، سواء قلنا بانقلاب النسبة أو لم نقل. أمّا اذا لم نقل بانقلاب النسبة فواضح. وأمّا إذا قلنا بانقلاب النسبة فهو هنا عبارة عن لحاظ أحدالعامّين مع خاصّه قبل لحاظ العامّ الآخر مع خاصّه حتّى تنقلب النسبة، ويصبح العامّ الأوّل أخصّ من العامّ الثاني.

وهذا كما ترى جزاف محض، فليس تخصيص أيّ واحد من العامّين بخاصّه بأولى وأقدم من تخصيص الآخر بخاصّه. اذن فهذا التعارض هو الذي بقي مستحكماً، فيسري إلى السند بعد أن كان كلّ واحد من العامّين مخصّصاً بلحاظ مادّة افتراقه.

فإن قلت: إنّ هنا تعارضاً سنديّاً ثلاثي الأطراف بين كلّ عامّ مع خاصّه والعام الآخر؛ لأنّ خاصّه يخرج منه مادّة الافتراق والعامّ الآخر يعارضه في مادّة الاجتماع، فلا يبقى له شيء.

قلت: هذا التعارض إن فرض بالملاك الأوّل: أعني العلم ابتداءً بكذب أحد الأسانيد، فهذا العلم غير موجود عادة كما قلنا، وغير مفروض في المقام. وإن فرض بالملاك الثاني باعتبار أنّ مجموع أحد الخاصّين مع العام الآخر لا يجتمع في الدلالة مع العام الذي يكون هذا