المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

673

الخاصّ مخصّصاً له، قلنا: إنّ هذا الكلام إنّما كان يتمّ لو فرض أنّ العامّ الآخر كان قرينة على خلاف العامّ الأوّل في نفسه، فعندئذ يكون العامّ الأوّل مبتلىً بالتعارض مع مجموع أمرين كلّ منهما بمفرده قرينة يخرج شيئاً من العامّ، لكنّ جعل أحدهما قرينة دون الآخر ترجيح بلا مرجح، فيكون مجموعهما هو المتعارض معه، ولكنّ المفروض أنّ العامّ الآخر ليس قرينة على خلاف العامّ الأوّل، سواء قلنا بانقلاب النسبة أو لم نقل كما عرفت وجه ذلك آنفاً. وعليه فمجموع ما جعل معارضاً للعامّ الأوّل وهو خاصّه مع العامّ الآخر منحلّ إلى ما هو قرينة، وهو الخاص، فيتقدّم، وينحلّ التعارض بلحاظه وما يكون تعارضه مستحكماً وهو العام الآخر.

لا يقال: إنّ دليل حجّيّة السند لا يمكنه أن يشمل العامّ الأوّل مع مخصّصه ومع العامّ الآخر الذي هو بمنزلة الخاصّ بمادّة الاجتماع؛ لخروج مادّة الافتراق عنه بمخصّصه، فيقع التعارض بين العامّ الأوّل ومجموع المخصّص والعامّ الآخر.

فإنّه يقال: إنّ دليل الحجّيّة إنّما يجعل الحجّيّة لسند العامّ الأوّل في مقابل ما يعارضه بلحاظ مقدار ما يتحصّل بعد الجمع العرفي مع مخصّصه، والمفروض أنّ مخصّصه يخرج منه مادّة الافتراق بالقرينية، فلا معنىً لإبقاء تلك الحصّة للعامّ كي يشمله دليل حجّيّة السند، بل يسقط أوّلا تلك الحصّة بالتخصيص ثمّ نتوجّه إلى حساب حجّيّة السند.

نعم، لو رفعنا يدنا عن الخاصّ نجا سند العامّ عن المعارضة؛ لأنّ العامّ الآخر إنّما يعارضه في مادة الاجتماع، لكنّ هذا ليس ميزاناً فنّياً لإدخال الخاصّ في عالم التعارض.

كما أنّ ما ذكره السيد الاُستاذ من أنّنا لو رفعنا يدنا من أيّ واحد من الأدلّة الأربعة ارتفع العلم الإجمالي بالكذب، ولم يوجد تعارض بين الباقي، ليس فنّياً، فإنّ ميزان المعارضة ليس هو هذا، وإنّما ميزان المعارضة هو ما قلناه من أحد أمرين: إمّا أن يعلم ابتداءً بكذب أحد الأسانيد، أو أن يسري من دائرة الدلالة إلى دائرة السند بالبيان الماضي بتلك الصيغة، أو بعد تعميقه. وأمّا مجرّد أنّ الخبر الفلاني أصبح صدفة بحيث لو غضضنا النظر عنه لارتفع التعارض بين أدلّة اُخرى باعتبار أنّ العامّ الآخر إنّما يعارض سنده فيما لو لم يبقَ لمدلوله شيء غير خارج بالتخصيص، فلا يجعله داخلا في ميدان المعارضة.

الصغرى الثالثة: أن يرد عامّ مع تعدّد المخصّصات، ولنفرضها ـ لأجل التسهيل ـ مخصّصين، وفي هذين المخصّصين ثلاث حالات:

الحالة الاُولى: أن يكونا بحسب الموضوع متباينين، وعندئذ: إمّا أن لا يستوعبا العامّ كما