المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

675

معاً بعد افتراض عدم كونهما مستوعبين ولو حكماً للعامّ، وفرقه عمّا إذا كان المخصّصان متباينين موضوعاً من دون استيعاب أنّه هناك لم يكن أيّ مجال لتوهّم انقلاب النسبة؛ إذ حتّى لو خصّص العامّ أوّلا بأحدهما بقيت نسبته مع الآخر نفس نسبة العموم المطلق. وأمّا هنا فيمكن افتراض انقلاب النسبة بتخصيص العامّ بأحدهما أوّلا، فتنقلب نسبته مع الخاصّ الآخر إلى العموم من وجه، إلاّ أنّه مع ذلك لا مجال لانقلاب النسبة، فإنّ تقديم أحد الخاصّين على الآخر في التخصيص، ثمّ لحاظ نسبة العامّ إلى الخاصّ الآخر جزاف صِرف.

ويمكن أن يتوهّم أنّنا نخصّص أوّلا العامّ بمادّة الاجتماع بينهما فتصبح نسبة العامّ إلى كلّ من الخاصّين عموماً من وجه، فيقال: إنّنا لم نخصّص العامّ أوّلا بأحد الخاصّين حتّى يقال: لا مرجّح لأحدهما على الآخر، بل خصّصناه بهما معاً في مادّة الاجتماع، فلم نقدّم أحد الخاصّين في التخصيص جزافاً.

إلاّ أنّ التحقيق: أنّ هذا ـ أيضاً ـ مشتمل على الجزاف؛ لإنّه ترجيح لمادّة الاجتماع في التخصيص على مادّة الافتراق بلا مرجّح، وقرينيّة الخاصّ للعامّ ثابتة بنهج واحد لتمام مفاد الخاصّ من دون فرق بين مادة اجتماعه مع الخاصّ الآخر ومادّة افتراقه عنه.

وأمّا الثاني، وهو ما إذا فرض المخصّصان في زمانين، كما لو ورد (أكرم العراقي) ثم ورد (لا تكرم عراقياً غير هاشمي) ثم ورد في زمان آخر (لا تكرم العراقي الفاسق) فالحال فيه هو الحال في ما إذا ورد المخصّصان في زمان واحد، وإنّما أفردناه بالبحث لأجل إشكال ذكره السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ في المقام على ما في تقرير بحثه(1) وأجاب عنه.

والبيان الفنّي للإشكال في المقام هو: أنّ المخصّص الثاني لو قسناه إلى العامّ بعرضه العريض كان أخصّ منه مطلقاً، لكنّه بناءً على انقلاب النسبة لا وجه لقياسه بالعامّ بعرضه العريض؛ وذلك لأنّ المخصّص الأوّل لمّا ورد لا ينتظر في تخصيصه للعامّ ورود أخيه، بل يتقدّم في الوقت على العامّ ويخصّصه، فيسقط العامّ عن الحجّيّة بمقدار ذلك المخصّص، فحينما يرد المخصّص الثاني يلقي العامّ مخصّصاً وغير حجّة، إلاّ فيما عدا ما خرج بالمخصّص الأوّل، فنسبته إليه بناءً على انقلاب النسبة إنّما هي العموم من وجه.

وأجاب ـ دامت بركاته ـ عن هذا الإشكال بأنّ المخصّصين وإن كانا بحسب الظاهر في زمانين، فورد مثلا أحدهما عن الباقر (عليه السلام) والآخر عن الصادق (عليه السلام)إلاّ أنّهما ينظران معاً إلى


(1) راجع مصباح الاصول ج 3 ص 392 ـ 393.