المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

676

زمان واحد، وهو عصر التشريع؛ إذ ليس لكلّ إمام تشريع مستقلّ، فكأنّ المخصّصين وردا في زمان واحد.

وهذا الجواب ممّا لا نفهمه، فإنّ فيه خلطاً بين زمان مدلول الحديث وزمان الحجّيّة، فالإشكال يكون بالنظر إلى زمان الحجّيّة، والجواب ينظر إلى زمان المدلول، وهذا الجواب يكون في محلّه لو جعل جواباً على إشكال يرد في تخصيص عامّ متأخّر بخاصّ متقدمّ عليه زماناً، وهو أنّ الخاصّ يكون من حيث الزمان أعمّ لشموله لما قبل ورود العامّ، فالنسبة بينهما عموم من وجه، فكيف يخصّص العامّ به؟

فالجواب عن هذا الإشكال أن يقال: إنّ كلاًّ من العامّ والخاصّ ينظران إلى زمان واحد، وهو تمام أزمنة الشريعة المقدّسة، فالنسبة بينهما هي العموم المطلق.

ولكنّ هذا الجواب فيما نحن فيه ممّا لا أساس له، فإنّ الإشكال ينظر إلى زمان الحجّيّة ويقول: إنّ زمان حجّيّة المخصّص الأوّل هو وقت وروده، فخصّص العام عند وروده، والمخصّصان وإن كانا ينظران كلاهما إلى وقت واحد، لكنّ أحدهما كان حجّة بعد زمان حجّيّة الآخر، لا معه، وأحدهما أسقط حجّيّة العامّ في دائرته قبل الآخر لا محالة، فيكون المخصّص الثاني قد جاء وقت تخصّص العامّ بالمخصّص الأوّل، فتكون النسبة بينه و بين المخصّص الثاني بناءً على انقلاب النسبة العموم من وجه، فالجواب عن هذا الإشكال بدعوى وحدة زمان المدلول لكلا المخصّصين ممّا لا ربط له بالإشكال.

والتحقيق: أنّ أصل الإشكال ممّا لا يُفهَم، ويصبح شيئاً مضحكاً لو بنينا على مبنى المشهور من أنّ حجّيّة الخبر يكون بوصوله لا بوروده، فعندئذ يصبح مركز الإشكال اختلاف المخصّصين في زمان الوصول، لا اختلافهما في زمان الصدور، فلو أنّ فقيهاً رأى أوّلا هذا المخصّص وخصّص العامّ به، ثمّ رأى الخاصّ الآخر، كان العامّ بالنظر إلى وظيفة هذا الفقيه معارضاً للخاصّ الآخر بالعموم من وجه، ولو أنّ فقيهاً آخر انعكس أمره، فرأى أوّلا المخصّص الثاني أصبحت نسبة العامّ إلى المخصّص الأوّل بالنظر إلى وظيفته العموم من وجه.

وحلّ الإشكال فنّيّاً هو: أنّ العامّ يكون تخصيصه حدوثاً بورود المخصّص الأوّل وحجّيّته، ويكون بقاءً ذلك التخصيص ببقاء المخصّص الأوّل على حجّيّته، ولذا لو ورد بعد ذلك مخصّص على ذلك المخصّص، أو حاكم عليه يفسّره بتفسير ينسجم مع مفاد العامّ، رجع العامّ إلى حجّيّته، وهذا معناه أنّ تخصيص العامّ بمخصّصه وسقوطه عن الحجّيّة في دائرة مخصّصه ليس من قبيل موت الانسان الذي يحصل دفعة وينتهي أمر ذلك الانسان، وانّما