المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

678

بباب انقلاب النسبة، وإنّ النسبة بين الخاصّ المنفصل والعامّ المخصَّص بالمخصّص هي العموم من وجه من أوّل الأمر؛ لأنّ المخصّص المتّصل قد هدم ظهور العامّ في شموله لما تحته، فالخاصّ المنفصل قد قسناه بما يكون العامّ ظاهراً فيه، لا بمقدار أقلّ من ذلك، باعتبار سقوط شيء من دلالة العموم عن الحجّيّة حتّى يرتبط ذلك بباب انقلاب النسبة. وعليه فلا إشكال في أنّ هذا العامّ مع ذلك الخاصّ متعارضان بالعموم من وجه، ولا يكون الخاصّ قرينة على العامّ.

إلاّ إنّ هناك شبهة لا يخلو جوابها عن دقّة، فلا بأس بذكرها، وهي: أنّه مضى فيما سبق قاعدة أعطاها المحقّق النائيني (رحمه الله) و نحن قبلناها، وهي: أنّه كلمّا يكون قرينة هادمة للظهور عند الاتّصال فهي قرينة هادمة للحجّيّة عند الانفصال، فقد يقال: إنّ هذه القاعدة حينما تطبق في المقام تكون نتيجتها تخصيص ذلك العامّ بهذا الخاصّ المنفصل بالرغم من اتّصاله بالخاصّ الأخصّ؛ وذلك لأنّه لو اتّصل به هذا الخاصّ الآخر بأن قال: (أكرم كلّ عراقي، ولا تكرم العراقي الكذّاب، ولا تكرم العراقي الفاسق) فلا إشكال في أنّ هذا الخاصّ الثاني يخصّص العامّ، ولا معنىً للحاظ العامّ أوّلا مخصَّصاً بالخاصّ الأوّل، ثمّ جعل النسبة بينه وبين الخاصّ الثاني عموماً من وجه؛ وذلك لأنّ الخاصّين في عرض واحد، فإذا اتّضح تقدّمه على العامّ عند اتّصاله ثبت تقدّمه عليه عند انفصاله أيضاً بتلك القاعدة الميرزائية. والجواب عن ذلك: أنّ تلك القاعدة وإن كانت صحيحة، لكنّ موردها ما إذا كان طرف المعارضة لتلك القرينة عند الانفصال نفس الظهور الذي يكون طرفاً لمعارضتها عند الاتّصال، فيقال: إنّ هذه القرينة التي تهدم ذاك الظهور عند الاتّصال به تهدم حجّيّته عند الانفصال عنه. وأمّا إذا كانت عند الاتّصال تهدم ظهوراً وعند الانفصال تقع طرفاً للمعارضة لظهور آخر فلا معنىً لجعل هدمها لذاك الظهور ميزاناً لاسقاطها لحجّيّة هذا الظهور. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ هذا الخاصّ لو كان متّصلا بذاك العامّ المتّصل بالخاصّ الآخر لوقع طرفاً للمعارضة لنفس العامّ، لا العامّ، بعد تخصيصه بالخاصّ الآخر، ولكنّه حين انفصاله ليس الظهور الذي يعارضه هو الظهور العمومي حتّى يرفع حجّيّته، فإنّ الظهور العمومي غير موجود حتّى يقع طرفاً لمعارضته، وترتفع حجّيّته؛ لأنّ الظهور العمومي قد انهدم بالمخصّص المتّصل. وإنّما الظهور الموجود هو ظهور العامّ المخصَّص، ونسبته إلى هذا الخاصّ هي العموم من وجه، فلا قرينية في المقام.

الكلمة الرابعة: إن كان العامّ ورد مرّة مستقلاً ومرّة اُخرى متّصلا بأخصّ الخاصّين، كما لو قال: (أكرم كلّ عراقي) وقال: (أكرم كلّ عراقي، ولا تكرم الكذّاب منهم) وقال: (لا تكرم