المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

679

العراقي الفاسق)، فهنا ذكر المحقّق النائيني(رحمه الله) أنّ أعمّ الخاصّين يصبح في مادّة الاجتماع بينه و بين العامّ المخصّص بالمتّصل طرفاً للمعارضة مع العامّ المستقلّ، لا مخصّصاً له؛ وذلك لأنّه إنّما يصلح للمخصّصية إن لم يكن مبتلىً بالمعارض، وهنا مبتلىً بالمعارض وهو العامّ المخصّص بالمتّصل، حيث إنّهما يتعارضان بالعموم من وجه في العراقي الفاسق غير المخالف(1).

أقول: إنّ ما ذكره من أنّ أعمّ الخاصّين لا يصلح لتخصيص العامّ المستقلّ في الفاسق غير المخالف وإن كان صحيحاً، لكنّ ما ذكره من أنّه يقع طرفاً للمعارضة مع العامّ المستقلّ غير صحيح؛ لأنّ حجّيّة العامّ إنّما هي في طول عدم حجّيّة المخصّص، فإنّ حجّيّة ظهور ذي القرينة دائماً تتوقّف على سقوط حجّيّة القرينة. إذن فلا يمكن أن يكون من مبادئ سقوطه و معارضاً له في عرض معارضه الآخر، بل تصل النوبة إليه بعد تساقط أعمّ الخاصّين مع العامّ المخصّص بالمتصل، فهو مرجع بعد التساقط، لا ساقط بالتعارض.

 

الموقف في موارد انقلاب النسبة:

المقام الرابع: في أنّنا بعد أن أنكرنا انقلاب النسبة ماذا نصنع في موارد انقلاب النسبة؟

فمثلا لو ورد (يستحب إكرام العراقي) وورد (لا يستحب إكرام العراقي) وورد (لا يستحب إكرام العراقي البصري)، فالمحقّق النائيني (رحمه الله) يخصّص العامّ الأوّل بالدليل الثالث ثمّ يخصّص العامّ الثاني بالعامّ الأوّل المخصّص. وأما نحن فبعد أن لم نقبل ذلك فماذا نصنع في المقام؟

فنقول: إنّ هذا العامّ المخصَّص له أربع حالات:

الحالة الاُولى: أن يكون سنده قطعياً، وتكون الإرادة الجدّية لأصل الحكم الذي يكون الكلام ظاهراً فيه وهو استحباب إكرام العراقي قطعيّة، فلم نكن بحاجة إلى أصالة الجدّ لإثبات الجدّية (وعدم التقية مثلا) إلاّ من ناحية عموم الحكم. وفي هذا الفرض يحصل لنا قطع وجدانى بقضية مهملة مردّده بين المطلقة والجزئية، وهي استحباب إكرام العراقي في الجملة. أمّا أنّ هذا هل هو حكم مطلق يشمل كلّ العراقيين أو حكم جزئي لبعض العراقيين، فغير معلوم، وظاهر الدليل هو العموم، ولذا لو خلّينا نحن وهذا العامّ مع العامّ الثاني لم يمكن


(1) راجع فوائد الاصول الجزء الرابع ص 744 ـ 745 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم وأجود التقريرات ج 2 ص 519 ـ 520.