المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

687

أو مضمون تلك من دون حجّيّة لاحدى الروايتين، أو إمكان إسناد مضمون إحداهما إلى الشارع. وعليه تكون هذه الجملة أجنبية عن المقصود.

ومنها: ما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، عن العباس، عن عليّ بن مهزيار قال: «قرأت في كتاب لعبدالله بن محمد إلى أبي الحسن (عليه السلام): اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله(عليه السلام) في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم أنْ صلّها في المحمل، وروى بعضهم لا تصلّها إلاّ على الأرض، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك، فوقّع(عليه السلام)، موسّع عليك بأيّة عملت»(1).

وسند الحديث ـ أيضاً ـ تامّ، فيقال: إنّ هذه الرواية تدلّ على التخيير بين الخبرين، ولا تحمل السعة فيها على مثل البراءة؛ لأنّه اُضيفت السعة فيها إلى الروايتين، حيث قال: (موسّع عليك بأيّة عملت).

إلاّ أنّه مع ذلك يمكن النقاش في دلالة الرواية من وجهين:

الوجه الأوّل: دعوى ظهور الرواية في بيان التخيير الواقعي بين مضموني الروايتين، لا التخيير الظاهري، وذلك بنكتتين:

النكتة الاُولى: أنّ السائل قد سأل عن الحكم الواقعي حيث يقول: (فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك) ومقتضى أصالة التطابق بين السؤال والجواب هو كون الجواب ـ أيضاً ـ عن الحكم الواقعي، بل لو لم يكن قد صرّح السائل بالسؤال عن الحكم الواقعي كان ـ أيضاً ـ ظاهر كلامه هو السؤال عن الحكم الواقعي؛ لأنّه لم يسأل عن حال الخبرين المتعارضين بشكل عامّ حتّى يتعيّن في السؤال عن الحكم الظاهري، وإنّما سأل عن فرض مخصوص، وهو اختلاف الروايتين في ركعتي الفجر، وهذا كما يمكن حمله على السؤال عن الحكم الظاهري يمكن حمله على السؤال عن الحكم الواقعي. والثاني هو الظاهر من الكلام؛ لأنّ ظاهر حال السائل في نفسه هو أنّه يسأل عن الحكم الواقعي؛ لأنّ الإنسان بطبيعة حاله يفتّش عن الواقع، وإنّما يفتّش عن الحكم الظاهري عند عجزه عن الواقع.

النكتة الثانية: أنّ ظاهر حال الإمام ـ حتّى لو فرض عدم ظهور لكلام السائل في السؤال عن خصوص الحكم الواقعي ـ هو الإجابة عن الواقع؛ لأنّ الإمام (عليه السلام)باعتبار اطلاعه على


(1)الوسائل: ج 3، كتاب الصلاة، ب 15 من أبواب القبلة، ح 8، ص 240 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً وج 4 ص 330 بحسب طبعة آل البيت.