المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

689

تكبير، وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صواباً»(1) فيتمسّك بذيل هذا الحديث، وهو قوله: (بأيّهما أخذت) لإثبات التخيير.

إلاّ أنّه توجد حول هذا الحديث ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأوّل: أن يقال: إنّه غير وارد في الخبرين المتعارضين أصلا؛ لعدم المعارضة بين ما دلّ على طلب التكبيرة وما دلّ على الترخيص، وذلك بناءً على مبنى المحقق النائيني (رحمه الله)من أنّ الوجوب إنّما هو أمر ينتزعه العقل من الطلب إذا لم يرد الترخيص، وبناءً على هذا الاحتمال تكون الرواية أجنبية عمّا نحن فيه، وتحمل على التخيير الواقعي.

ويرد عليه: أنّ الرواية النافية للتكبير في القيام بعد القعود ليس مفادها مجرّد الترخيص في ترك التكبير، وإنّما مفادها أنّ ذاك الطلب الثابت في سائر موارد الانتقال من حالة إلى اُخرى غير ثابت في القيام بعد القعود، وقد ثبت فقهياً أنّ ذاك الطلب استحبابي، إذن فهذا الحديث ينفي مطلوبيّة التكبير في القيام بعد القعود حتّى بنحو الاستحباب، فتقع المعارضة بين الحديثين حتّى على مبنى المحقّق النائيني(رحمه الله)(2).

الاحتمال الثاني: أن يقال: إنّ الخبرين وإن كانا متعارضين إلاّ أنّهما ليسا متعارضين في مورد سؤال السائل، وهو التكبير في القيام بعد التشهّد الأوّل؛ لأنّ الخبر الثاني إنّما دلّ على نفي التكبير في القيام بعد الجلوس، وهذا لا ينافي كون القيام بعد التشهّد يستوجب التكبير، وهذا بناءً على أنّ قوله: (وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى) ليس تتمّة للخبر الثاني، وإنّما هو كلام لصاحب الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ(3).

وبناءً على هذا الاحتمال ـ أيضاً ـ تكون الرواية أجنبية عن المقصود، ولابدّ من حملها على التخيير الواقعي.

هذا. ويكفينا الأجمال وعدم الظهور في كون تلك الفقرة تتمّة للخبر الثاني، فوجود هذا الاحتمال يكفي لاسقاط هذا الحديث عن الاستدلال به للتخيير.

الاحتمال الثالث: أن يقال: إنّ الخبرين متعارضان حتّى في مورد السؤال، وذلك بناءً على


(1) الوسائل: ج 4، ب 13 من أبواب السجود، ح 8، ص 967 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً وج 6 ص 368 بحسب طبعة آل البيت.

(2) على أنّ مبنى المحقق النائيني (رحمه الله) غير تامّ.

(3) الظاهر أنّه حتّى لو كان هذا كلاماً للإمام صاحب الزمان عجّل الله فرجه ـ فالمقصود به بيان أنّ خبر نفي التكبير بعد الجلوس من السجدة الثانية يشمل فرض التشهّد أيضاً.