المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

690

كون تلك الفقرة تتمّة للخبر الثاني، لا كلاماً لصاحب الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ، وعندئذ نقول: إنّه وإن كان الخبران متعارضين إلاّ أنّه يوجد بينهما جمع عرفي يكون من أحسن أنحاء الجموع العرفية، وهو الحكومة، حيث إنّ الخبر الثاني ناظر إلى حكم التكبير الثابت في موارد الانتقال من حال إلى حال، وناف له في حال الانتقال من الجلوس إلى القيام، فمقتضى الجمع العرفي تقديم الخبر الثاني على الأوّل(1).

فإن فرضنا أنّنا لا نحتمل في موارد الجمع العرفي مطلقاً أو في جمع عرفي من هذا القبيل أن يحكم الشارع بالتخيير، فلا بدّ من طرح هذه الرواية أو حملها على التخيير الواقعي، وإن احتملنا ذلك قلنا عندئذ في مقام الجواب على هذه الرواية: إنّ لها ظهوراً في إرادة الحكم الواقعي لنفس النكتتين الماضيتين في الرواية السابقة، من أنّ السائل قد سأل عن الحكم الواقعي، ومن أنّ ظهور حال الإمام هو رفع الشكّ مع الإمكان، لا بيان حكم الشكّ(2).

هذا كلّه لو افترضنا أنّ الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) ينقل حديثين غير مقطوعي الصحّة، ويصبح بصدد العلاج.

وأمّا إذا قلنا، إنّ الظاهر من كلمة (حديثين) هو إخباره (عليه السلام) القطعي بتحدّث أجداده(عليهم السلام)بهذين الكلامين، وإنّ قوله: (فإنّه روي) أيضاً يقصد روايةً هو (عليه السلام)يمضي ورودها بنفس هذا النقل، فعندئذ تخرج هذه المكاتبة عمّا نحن بصدده راساً؛ لأنّنا نتكلّم في خبرين متعارضين غير مقطوعي الصدور(3). ولو فرض ثبوت التخيير في مقطوعي الصدور لا يمكن التعدّي عنهما الى غير مقطوعي الصدور.

ثمّ ان سند الحديث لا يخلو عن شوب اشكال، وذلك لأنّ النوبختي الذي ينقل هذا


(1) الظاهر أنّ الإمام (عليه السلام) فرض قطعية إرادة الإطلاق من الخبر الأوّل لحال الانتقال من الجلوس إلى القيام، فلم يكن مجال لهذا الجمع العرفي.

(2) ما أجبنا به عن النكتتين في الرواية الماضية يكون أوضح في هذه الرواية؛ لأنّها عن الإمام صاحب الزمان ـ عجّل الله فرجه ـ وخاصّة أنّ قوله ـ عجل الله فرجه ـ: (من باب التسليم) ظاهر في التسليم للرواية، لا التسليم للواقع، إلاّ إذا حمل الحديثان على مقطوعي الصدور، كما سيأتي الآن في المتن إبداء احتماله.

(3) قد يقول قائل: إنّه بما أنّ هذه الرواية مرويّة عن الإمام صاحب الزمان ـ عجل الله فرجه ـ في زمن غيبته، فمن الطبيعي ـ كما قلنا ـ أن يكون بصدد تعليم طريقة الاستنباط من الروايات المروية، وهذا يُسقط ظهور العبارة في إرادة قطعيّة الحديثين، بل يوجب الظهور في النظر إلى الروايات المتعارفة والتي هي غير قطعية الصدور، أو يوجب الإطلاق على أقلّ تقدير.