المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

692

لولا ما فيه من ضعف السند دليل على التخيير في التقليد بين المجتهدين المختلفين في الفتوى.

هذا، وهنا إيراد آخر على الاستدلال بهذه الرواية، وهو: أنّه لعلّ المقصود من قوله: (موسع عليك) هو الرجوع إلى البراءة بعد تساقطهما، لا التوسعة بلحاظ التخيير بين الخبرين.

ويرد عليه: أنّه بعد تساقطهما ليس المرجع دائماً هو البراءة ونحوها ممّا تفيد السعة، بل قد يكون المرجع استصحاب الفساد أو أصالة البطلان ونحو ذلك ممّا لا يمتّ إلى السعة بصلة، بل يوجب التضييق.

ثم إنّ: قوله: (وكلّهم ثقة) لا إشكال في دلالته على أنّ الوثاقة دخيلة في الحكم الذي حكم به، وهو (موسّع عليك). فإنْ فرضنا كون وثاقة الكلّ مأخوذة بنحو الانحلال، أي: إنّ وثاقة كلّ راو لها دخل في الحكم بالسعة بلحاظ رواية ذاك الراوي كان ذلك قرينة على أنّه ليس المقصود بالسعة البراءة، أي كان قرينة على خلاف الإشكال الثاني.

وإن فرضنا كونها مأخوذة بنحو المجموعية، أي: إنّ وثاقة الجميع هي الدخيلة في الحكم، فلو فرضت وثاقة بعض دون بعض لم يثبت الحكم بالسعة، كان ذلك قرينة على أنّ مفروض الكلام هو الأخبار المتعارضة، وأنّ المقصود هو التخيير، لا حجّيّة خبر الثقة، فإنّ وثاقة الكلّ إنّما تؤثّر في المتعارضين من باب أنّه لو كان أحدهما ثقة دون الآخر لم تكن عندنا حجّتان متعارضتان، وقد يكون التخيير في خصوص ما إذا كان كلاهما ثقة وكلتاهما حجّة في نفسهما أمّا لو فرض أنّ المقصود بيان حجّيّة خبر الثقة فلا معنى لدخل وثاقة الكلّ بنحو المجموعية، بل لا بد أن يكون بنحو الانحلال، فبناءً على المجموعية يصبح قوله: (وكلّهم ثقة) قرينة على خلاف الإشكال الأوّل.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه أنّ هذه الرواية تامّه دلالة، إلاّ أنّها ساقطة سنداً.

ومنها: ما رواه الطبرسي في الاحتجاج مرسلا عن الحسن بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام)قال: «قلت للرضا (عليه السلام) تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة، قال: ما جاءك عنّا فقسه على كتاب الله ـ عزّوجلّ ـ وأحاديثنا، فإن كان يشبهها فهو منّا، وإن لم يشبهها فليس منّا، قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيّهما الحقّ، فقال: إذا لم تعلم فموسّع عليك