المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

697

الثالث: قد يقال بتقديم أخبار التخيير على أخبار الأخذ بالأحدث. وذلك بأحد تقريبين:

التقريب الأوّل: أنّ في أخبار التخيير ما هو أحدث من أخبار الأخذ بالأحدث؛ لوروده عن صاحب الزمان (عليه السلام) الذي هو آخر الأئمّة، فأخبار الأخذ بالأحدث بنفسها تدلّ على تقديم أخبار التخيير على نفسها.

ويرد عليه:

أوّلا: أنّ هذا الكلام لو تمّ فإنّما يتمّ فيما إذا علمنا إجمالا بصدور أحدهما، فيقال مثلا: لو كان الصادر هو أخبار التخيير إذن يؤخذ بها، ولو كان هو أخبار الأخذ بالأحدث فهي تأمرنا بالأخذ بأخبار التخيير، لكنّنا لا نعلم اجمالا بصدور أحدهما، ونحتمل كذبهما معاً، فنحن بحاجة إلى دليل يدلّ على الحجّيّة تعبّداً، فنقول:

ما هو الدليل الذي دلّ على حجّيّة أخبار التخيير؟ فان كان هو الأدلّة العامّة لحجّيّة الخبر فالمفروض أنّها لا تشمل المتعارضين، ولا أحدهما. وإن كان هو نفس أخبار الأخذ بالأحدث نقلنا الكلام إلى تلك الأخبار، وقلنا: ما هو الدليل على حجّيّة أخبار الأخذ بالأحدث؟ فإن كان هو نفس أدلّة الحجّيّة العامّة فهي لا تشمل المتعارضين، ولا أحدهما، وإن كان هو أخبار التخيير بأن يقال: إنّنا تخيَّرنا بموجبها فاخترنا أخبار الأخذ بالأحدث مثلا، فقد عُدنا مرّةً اُخرى إلى أخبار التخيير التي لم نثبت بعدُ حجّيّتها.

وثانياً: أنّه حتّى لو فرضنا العلم بصدور أحدهما لا يتمّ هذا التقريب؛ وذلك لأنّ هذا التقريب معناه أن يسقط أخبار الأخذ بالأحدث نفسها عن الحجّيّة في تمام الموارد عدا مورد واحد، وهو تقديم المعارض الأحدث منها على نفسها، وهذا كتخصيص الأكثر، ليس أمراً عرفياً.

التقريب الثاني: أنّ أخبار الأخذ بالأحدث مبتلاة بالتعارض الدلالي الداخلي؛ لأنّ إطلاقها لموردها يعارض إطلاقها لسائر الموارد، لا للتكاذب بين الاطلاقين، بل لعدم معقولية حجّيّة كلا الإطلاقين؛ إذ لو كانت حجّة في موردها لكان معناها تقديم أخبار التخيير وبالتالي عدم العمل بها في سائر الموارد، فاذا ابتلت بالتعارض الدلالي الداخلي سقطت بالاجمال، وبقيت أخبار التخيير بلا معارض.

ويرد عليه: أنّه بعد وقوع التعارض بين الاطلاقين الداخليين ودوران الأمر بينهما لا إشكال في أنّ العرف يقدم إطلاقها لتمام الموارد الاُخرى على إطلاقها لخصوص موردها،