المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

711

الحرّ العاملي، وانّما كان مقصودي بيان: أنّ انتشار المدارك واتساعها لا يأبى عن احتمال أن يكون صاحب الوسائل قد رأى مدارك عرفية واضحة، وصاحب كتاب رياض العلماء تلميذ لشيخنا المجلسي الذي هو معاصر لصاحب الوسائل، أي: إنّ صاحب الوسائل في طبقة أساتذة مؤلّف كتاب رياض العلماء، وفرض توفّر هذا النوع من المدارك لصاحب الوسائل ليس فرضاً غير عادي، وتوفرها لصاحب الوسائل غير توفّرها لنا؛ لأنّه يعرف بنحو أتمّ من هو هذا عليّ بن أبي طالب، ويعرف نسخ عيون أخبار الرضا، ويعرف باقي الخصوصيات والجهات، فلعلّه استند الى شهادة من هذا القبيل، حيث يقول الامام الزاهد أبو البركات، فهذا نوع من التوثيق، بل هو مرتبة عالية من التوثيق، فانّ كلمة (الإمام) لا يعبّر بها إلاّ عن أحد أجلّة علماء الطائفة، فاحتمال العرفية إن كان موجوداً في شهادة الطوسي مع فاصل (400) سنة فهو موجود في شهادة الشيخ الحرّ مع فاصل (700) سنة، وطول الزمان معارض بسعة المدارك وانتشارها.

هذا تمام الكلام في تصحيح سند هذه الرواية.

 

وأمّا الجهة الثانية، وهي في دلالة الرواية:

فقد اشتملت هذه الرواية على مرجّحين:

المرجّح الأوّل: الموافقة والمخالفة للكتاب، حيث قال: (فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه) وفرض مخالفة أحد الحديثين للكتاب لا تلزمه دائماً موافقة الآخر له، من قبيل رواية تدلّ على بطلان بيع الصبي، ورواية تدلّ على صحته، فالاُولى تخالف إطلاق (أحلّ الله البيع)، والثانية توافقه، بل قد تكون الروايتان من قبيل رواية تدلّ على حكم حرجي فتخالف الكتاب النافي للحرج، ورواية تدلّ على ضدٍّ غير حرجي لذلك الحكم، في حين أنّه يوجد له ضدّ آخر غير حرجي أيضاً، فآية نفي الحرج لا تعيّنه، فيبدو أنّ المرجّح هو اجتماع(1) مجموع أمرين: مخالفة أحداهما للكتاب، وموافقة الاُخرى له.

والمرحّج الثاني: ما يأتي بعد المرجّح الأوّل، وافتراض أنّنا لم نجدهما في كتاب الله، فيقول: اعرضوهما على أخبار العامّة، فما وافق أخبارهم فذروه، وما خالف أخبارهم فخذوه.


(1) أو الأخصّ منهما، وهو موافقة أحدهما للكتاب.