المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

721

اسراؤه الى الخطابات السابقة ـ أيضاً ـ بعد فرض اختصاص القرينة بالأخير، ووحدة السياق إنّما تفيد فيما إذا كان ظاهر الفقرات واحداً ثمّ عرفنا من الخارج خصوصية في احداها، لا فيما اذا صرّح في إحداها بالتقييد، والقضية لو كانت خارجية والمخاطب نفس هذا الشخص لصحّ أن يقال: إنه بعد أن عرف في الحكم الأخير أنّ المورد صورة التمكّن من اللقاء يكون ـ لا محالة ـ مورداً لكلّ ذلك، لكنّها قضية حقيقية.

وثانياً: لو سلّمنا أنّ ذيل الحديث أوجب عدم انعقاد الإطلاق في الخطابات السابقة، قلنا: إنّ احتمال دخل التمكّن من اللقاء في الحكم الذي هو محلّ البحث ليس عرفياً. وتوضيحه: أنّ الحكم بالتوقّف والإرجاء والاحتياط يعقل عرفاً اختصاصه بصورة التمكّن من اللقاء، فمع التمكّن يؤمر بالاحتياط، وإن ضاق به الاحتياط راجع الإمام (عليه السلام)وسأله عن الحكم الواقعي. وأمّا مع عدم التمكن فيلزم من الاحتياط ابتلاؤه به طيلة عمره. وأمّا الحكم بالترجيح بالأصدقية والأعدلية والأفقهية فبمناسبات الحكم والموضوع لا دخل للتمكّن من اللقاء وعدمه في ذلك.

الاعتراض الثاني: أنّ الترجيح بالصفات هنا ليس لإحدى الروايتين على الاُخرى وإنّما لأحد الحكمين على الآخر.

وهذا الإشكال قد يسري إلى سائر المرجّحات الاُخرى المذكورة في المقبولة كالشهرة، لكنّ الصحيح أنّ هذا الاعتراض تامّ بلحاظ الصفات دون باقي المرجحات، فلنا دعويان:

الاولى: إنّ الترجيح بالصفات يكون لأحد الحكمين دون إحدى الروايتين.

وهذا واضح من سياق الكلام، حيث صبّ الترجيح على الحكم، فقال: ( الحكم ما حكم به أعدلهما...).

وهناك نكتة في الرواية تشهد لذلك، وهي أنّ الترجيح بالصفات طبّق في المقبولة على أوّل السلسلة، أي: على نفس الحاكمين من دون ان يفرض في المقبولة أنّ الحاكمين هما الراويان المباشران للإمام، بينما لو كان هذا ترجيحاً لإحدى الروايتين لكان ينبغي تطبيقه: إمّا على مجموع السلسلة، وإمّا على اخر السلسلة المباشر للإمام، كما يصنعه القائلون بالترجيح بالصفات في الرواية، وكما هو مقتضى الصناعة؛ لأنّ التعارض في الحجّيّة والتنجيز إنّما هو بين نقلي الراويين المباشرين للإمام. وأمّا من قبلهما من الرواة فلا تعارض في نقلهم، اذ أحدهما ينقل موضوعاً آخر غير ما ينقله الآخر، فأحدهما يقول مثلاً: سمعت زرارة قال: كذا، والآخر يقول مثلا: سمعت أبا بصير قال: كذا، ولا منافاة بين الكلامين في التنجيز، فإنّ