المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

723

ترجع إلى باب الحكم، فالمرجّح فيها ينحصر في موافقة الكتاب ومخالفة العامّة. وسوف يأتي أنّهما في المقبولة مرجّحان مستقلاّن، لا أنّ الكتاب جزء المرجّح، وحيث إنّ المرفوعة لا نقول بحجّيتها لضعف السند، ونقول بحجّية المقبولة، فنعمل بالمقبولة، ولا نُعمِل قواعد التعارض بينهما، ولا يتحصّل من المقبولة شيء زائد على ما في رواية الراوندي.

 

الجهة الثانية: في النسبة بين المقبولة والمرفوعة بعد فرض قبولهما معاً:

فنقول: إنّ هناك عدة موادّ للتعارض بين المقبولة والمرفوعة.

المادّة الاُولى: أنّ المقبولة بدأت بالترجيح بالصفات وثنّت بالشهرة ـ بعد غضّ النظر عمّا مضى من ان الترجيح بالصفات يكون لباب الحكم، وأنّ الشهرة أخذت كتمييز بين الحجّة واللاحجّة ـ والمرفوعة بالعكس، أي: بدأت بالشهرة وثنّت بالصفات.

وذكر الشيخ الأعظم(قدس سره) أنّه يمكن أن تقدّم المقبولة عملا بالمرفوعة التي تحكم بتقديم المشهور على الشاذّ النادر، فإن المرفوعة لم تنقل إلاّ عن غوالي اللئالي مرفوعاً عن العلاّمة، والعلاّمة مرفوعاً عن زرارة، لكن المقبولة مشهورة فترجّح بالشهرة(1).

وأورد عليه المحقّق الإصفهاني (رحمه الله): أنّه لا يمكن العمل بالمرفوعة في مقام تقديم المقبولة عليها، إذ معنى ذلك أنّ المرفوعة تلغي نفسها بنفسها، ويلزم من وجود الشيء عدمه(2).

وتحقيق الكلام في هذا المقام: أنّ التعارض بين المقبولة والمرفوعة ـ بعد فرض تماميّة دلالتهما على الترجيح بالصفات وبالشهرة بنحو متعاكس يكون بنحو العموم من وجه؛ إذ مقتضى إطلاق ترجيح المقبولة بالصفات هو الترجيح بها، سواء كان الآخر أشهر أو لا، ومقتضى إطلاق ترجيح المرفوعة بالشهرة هو الترجيح بها سواء كان الآخر أعدل وأصدق، أو لا.

والتعارض بالعموم من وجه تعارض دلالي، ولا يسرى إلى السند. فإن بنينا على أنّ المرجّحات مخصوصة بالتعارض السندي، ولا تشمل العامين من وجه، فلا معنى لترجيح المقبولة هنا بكونها هي المشهورة. وإن بنينا على شمول المرجحات للعامين من وجه قلنا بعد تسليم أنّ المقبولة هي المشهورة وأنّ المرفوعة ليست مشهورة: انّه إن فرض أنّ الراوي في


(1) راجع الرسائل ص 447 ـ 448 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات رحمة الله.

(2) راجع نهاية الدراية ج 5 ـ 6 ص 317 بحسب طبعة آل البيت.