المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

724

المرفوعة ليس أصدق تمّ كلام الشيخ الأعظم(قدس سره)، ولا يأتي عليه إشكال المحقّق الإصفهاني (رحمه الله)من أنّه لزم من وجوده عدمه؛ وذلك لأنّ المقبولة داخلة في مادّة الافتراق للمرفوعة، فلماذا لا تؤخذ بالمرفوعة في ترجيح المقبولة مع أنّها ليست مبتلاة بالمعارض سنداً لأنّ المفروض عدم التباين، ولا دلالةً لأنّ مادّة الافتراق لا معارض لها. إذن فالمرفوعة تدلّ بمادة افتراقها على العمل بالمقبولة في مادّة اجتماعها، فهدمت مادّة الافتراق مادّة الاجتماع، فلم يلزم من وجود شيء واحد عدمه، ولا يلزم من إسقاط مادّة اجتماعها تخصيصها بالفرد النادر؛ إذ تبقى لها مادّة الافتراق، وهي كلّما كان أحد الخبرين هو المشهور من دون أن يكون الآخر أرجع في الصفات، ولا مبرّر لفرض ذلك هو الفرد النادر في مقابل ما لو كان الآخر أرجع في الصفات. وأمّا إذا فرض ان الراوي في المرفوعة أصدق مثلا كما لو أخذنا بالراوي الأخير، وكان زرارة أصدق من عمر بن حنظلة، فعندئذ لا يصحّ ما ذكره الشيخ الأعظم(قدس سره)من ترجيح المقبولة على المرفوعة بالشهرة عملا بنفس المرفوعة؛ إذ ليس ذلك بأولى من العكس، أي: ترجيح المرفوعة بالصفات على المقبولة عملا بنفس المقبولة.

نعم، لا يرد عليه إشكال المحقّق الإصفهاني(رحمه الله).

وتوضيح ذلك: أنّ المقبولة والمرفوعة يكون تحتهما أفراد طولية للتعارض، فأوّلها مثلا الخبر الدالّ على وجوب السورة مع الخبر الدالّ على عدمه، فالمقبولة تقدّم الأصدق منهما والمرفوعة تقدّم المشهور منهما، وفي هذه المرتبة يتوّلد فرد جديد للتعارض، وهو نفس المقبولة والمرفوعة، وهذا الفرد ـ أيضاً ـ تعالجه المقبولة والمرفوعة، فإحداهما تقول: قدّم الأصدق، والاُخرى تقول: قدّم الأشهر، وفي هذه المرتبة ـ أيضاً ـ يقع التعارض، وهكذا، وعندئذ فالمحذور هو أنّه في أيّ مرتبة أعملنا المرفوعة دون المقبولة فقد أعملنا أحد المتعارضين دون الآخر جزافاً، لا أنّه يلزم من وجود الشيء عدمه، فإنّ التقديم في أيّ مرتبة إنّما يسقط ما في المرتبة السابقة، لا ما في نفس تلك المرتبة.

هذا كلّه بناء على إغفال نكتة في المقام لو أبرزناها يتّضح أنّ التعارض بين المقبولة والمرفوعة ليس بنحو الإطلاقين من وجه، وإنّما يكون بنحو يقتضي الجمع العرفي، ولا تصل النوبة بعد ذلك إلى ترجيح إحداهما على الاُخرى، بل لا بدّ من الجمع بينهما.

وتوضيح تلك النكتة: أنّ دليلي الترجيح إن فرض اقتصار كلّ واحد منهما على مرجّح دون المرجّح الآخر، كما لو اقتصر أحدهما على الترجيح بالصفات، والآخر على الترجيح بالشهرة، جاء ما ذكرناه من التعارض بينهما بنحو الإطلاقين من وجه، وإن فرض اقتصار