المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

725

أحدهما على المرجّح الثاني، وذكر الآخر لكلا المرجّحين طولياً كان التعارض بينهما بنحو المطلق والمقيّد، وقيّد ما اشتمل على مرجّح واحد بما اشتمل على مرجّحين، وكذا لو اقتصر أحدهما على أحد المرجّحين والاخر ذكر مرجّحين عرضيّين.

وأمّا إن فرض أنّ كلا منهما ذكر المرجّحين طولياً، ولكن بنحو التعاكس، كما هو الحال فيما نحن فيه، فلو فرض أنّ الإمام (عليه السلام) هو الذي ذكر المرجّحين ابتداءً، كما لو قال: خذ بالأشهر، فإن لم يكن فبالأصدق. وقال أيضاً: خذ بالأصدق، فإن لم يكن فبالأشهر، فعندئذ يوجد هناك دالّان ومدلولان: الدالّ الأوّل هو الإطلاق الذي يدلّ على أنّ ما ذكر أوّلا يرجّح ويوجب التقديم، سواء كان الخبر الآخر واجداً للمزية الاُخرى أو لا، وهذا معناه الترتيب، والدّال الثاني نفس تقديم إحدى المزيّتين على الاُخرى، فإنّه يدلّ بالنصوصية العرفية على أنّ الأوّل ليس في طول الثاني، وإلاّ فلماذا قدّمه، فهو: إمّا مقدّم عليه أو على الأقلّ في عرضه، وإطلاق كلّ من الخبرين المرجّحين يقيّد بنصّ الآخر، ويثبت أنّ المرجّحين في عرض واحد. ومثل هذا الكلام لا يأتي فيما إذا اقتصر الإمام على مرجّح واحد، فإنّه يحتمل اقتصاره على المرجّح الثاني.

هذا كلّه لو أنّ الإمام (عليه السلام) هو ذكر المرجّحين بهذا الترتيب.

وأمّا لو فرض أنّ هذا الترتيب منتزع من كلام الإمام انتزاعاً، بأن سأل الراوي عن الخبرين المتعارضين فذكر الإمام مرجّحاً، ثمّ فرض الراوي تساويهما من تلك الناحية، فذكر الامام مرجّحاً آخر، كما هو الحال في المقبولة والمرفوعة، فهنا ما ذكرناه لا يأتي بذاك الوضوح، فإنّه لو كان الكلام كلاماً ابتدائياً للإمام فالتقديم والتأخير من قبله لا يكون عرفياً أبداً لو فرض الترتيب العكسي. أمّا اذا فرض أنّ كلام الإمام كان جواباً عن سؤال السائل، فلعلّ الإمام في جوابه عن السؤال الأوّل أجاب بالمرجّح الثاني، ولا بأس بذلك، ولذا لا نضايق من أن يقتصر الإمام على ذكر المرجّح الثاني، ثمّ بعد أن فرض السائل عدم هذا المرجّح وطالب بتعيين ما هو الأرجح أو التساوي ذكر الإمام المرجّح الأوّل، ولكن مع هذا ينبغي أن يقال: إنّ ظاهر كلام الإمام أنّ المرجّح الثاني ـ على الأقلّ ـ ليس مقدّماً على المرجّح الأوّل؛ اذ لو كان مقدّماً عليه ولكنّ الإمام لنكتة ما بدأ بذكر المرجّح الثاني فهذا معناه أنّ كلامه الأوّل الذي بدأ فيه بالمرجّح الثاني مقيّد لبّاً بعدم المرجّح الآخر، وهذا القيد غير مأخوذ في الكلام الثاني، وهذا معناه أنّ الجوابين لم ينصبّا على موضوع واحد مع أنّ ظاهرهما أنّهما منصبّان على موضوع واحد، فهذا يكون من قبيل أن يقول الإمام في الجواب