المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

728

الأول: دلالة المقبولة في نفسها على مرجّحية الكتاب.

فقد يستشكل في ذلك بأنّ المقبولة تدلّ على مرجّحية المجموع المركّب من موافقة الكتاب ومخالفة العامّة؛ إذ جمع بينهما بواو العطف.

والجواب: أنّ مقتضى العطف بالواو وإن كان ذلك، لكن ذكره بعد ذلك: لمخالفة العامّة مستقلا في خبرين نسبتهما إلى الكتاب واحدة، دليل على أنّ موافقة الكتاب مرجّح مستقلّ، ولو كان المقصود مرجّحية المجموع لكان ضمّ الكتاب إلى ما هو في نفسه مرجّح مستقلاّ لغواً، ومن قبيل ضمّ الحجر إلى جنب الإنسان.

الثاني: هل يستفاد من المقبولة في نفسها تقديم موافقة الكتاب على مخالفة العامة، أو لا؟

والثمرة بين الطولية والعرضية تظهر فيما إذا كان أحد الخبرين موافقاً للكتاب والآخر مخالفاً للعامّة.

يمكن أن يقال: إنّ المقبولة لا تدّل على الترتيب بين موافقة الكتاب ومخالفة العامّة، فإنّها لولا عطفها لمخالفة العامّة على موافقة الكتاب بالواو لأفادت الترتيب، ولكن بعد عطفها ذلك بالواو نقول: إنّ الواو فيها أحد احتمالين: إمّا أن تحمل على مرجّحية المجموع المركّب، وإمّا أن تكون في قوّة أو، وقد نفينا الأوّل، فتعيّن الثاني، فيكونان مرجّحين مستقلّين من دون أن يستفاد من المقبولة الطولية بينهما، فهي لا تدلّ على الطولية إلاّ ببيان واحد، وذلك بأن يستظهر من الجملة المعطوفة احتمال ثالث، وهو أنّها حشو من الكلام، وأن النظر الاستقلالي إلى موافقة الكتاب، وإنّما ذكر الجملة الثانية حشواً ولو بلحاظ بيان أنّ موافق الكتاب مخالفٌ للعامّة غالباً، ومخالف الكتاب موافق لهم غالباً، فكأنّه تمهيد لمرجّحية مخالفة العامّة وتهيئه السائل نفسياً لذلك، وبناءً على ذلك يفهم الترتيب.

وممّا يؤيّد ذلك: أنّ الصور المتصّورة بلحاظ موافقة الكتاب ومخالفة العامّة عَشْر؛ لأنّ كلّ واحد من الخبرين: إمّا يكون واجداً لكلتا المزيّتين، أو فاقداً لهما، أو واجداً لموافقة الكتاب فقط، أو لمخالفة العامّة فقط. وأربعة مضروبة بأربعة تساوي ست عشرة، ست صور منها مكرّرة، فالصور عَشْر، والسائل قد فهم حكم تسعة، وبناءً على الطولية يفهم حكم العاشرة وهو ما لو كان أحدهما موافق للكتاب والآخر مخالفاً للعامّة، وبناءً على العرضية لم يفهم حكم هذه الصورة، فمقتضى القاعدة أن يسأل السائل عنها، بينما نرى أنّه لم يسأل عن ذلك. وإليك تفصيل الصور العشر:

ثلاث منها يستفاد حكمها من المقبولة بالتصريح وهي كما يلي: