المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

73

فرض الشكّ في سبق النجاسة.

نعم، للمحقّق الخراساني(رحمه الله) أن يقول: إنّ الذي أوجب في المقام دفع الإشكال ليس هو في الحقيقة حمل الرواية على قاعدة اليقين، بل ما يلزمه من حمل قوله: «رأيت فيه» على فرض الشكّ في تقدّم النجاسة، وحمل الرواية على قاعدة اليقين وإن لم يمكن تفكيكه عن حمل جملة: (رأيت فيه) على فرض الشكّ في سبق النجاسة، لكن العكس ممكن. وعليه، فغاية ما يصنعه الإشكال في المقام ـ إن لم نتمكّن من حلّه ـ هو أنّه يوجب الاضطرار إلى رفع اليد عن ظهور كلمة: (رأيت فيه) في العلم بسبق النجاسة، وهذا ما لا بدّ منه حتى على فرض حمل الرواية على قاعدة اليقين، فليس هذا موجباً لصرف الرواية عن الاستصحاب إلى قاعدة اليقين.

وتحقيق الكلام في هذا المقام هو: أنّه لا بدّ أن نرى ما هو الوجه في استفادة الاستصحاب من هذه الفقرة؟ فإن كان الوجه في استفادة ذلك نفس ظهور قوله: «رأيت فيه» في العلم بسبق النجاسة، حيث إنّه مع العلم بسبق النجاسة يستحيل انطباق قاعدة اليقين على المقام، ولكن يمكن استفادة الاستصحاب في المقام ولو بلحاظ حال الصلاة، كان العجز عن حلّ هذا الإشكال مخلاًّ بالاستدلال؛ لأنّ هذا إشكال على نفس هذا الظهور، ولو رفعنا اليد عن هذا الظهور كانت نسبة الرواية الى الأستصحاب والقاعدة على حدّ سواء، وتكون مجملة من هذه الناحية. وأمّا إذا كان الوجه في استفادة الاستصحاب شيئاً آخر من قبيل ما مضى منّا من أنّ أركان الاستصحاب مستفادة من كلام السائل، وأركان قاعدة اليقين غير مستفادة منه، فلا بدّ من حمل الرواية على الاستصحاب، فقد يقال: إنّ عدم حلّ هذا الإشكال لا يضرّ بالاستدلال؛ لأنّ هذا الإشكال مصبّه هو ظهور غير مرتبط باستفادة الاستصحاب، ويستفاد الاستصحاب من الحديث حتى بغضّ النظر عن هذا الظهور، وحمله على خلاف ظاهره من فرض عدم العلم بسبق النجاسة.

إلاّ أنّ الصحيح هو: أنّ هذا الإشكال ـ لو عجزنا عن حلّه ـ يضرّ بالاستدلال حتّى مع فرض كون نكتة استفادة الاستصحاب غير الظهور الذي انصبّ عليه هذا الإشكال؛ والوجه في ذلك هو: أنّ هذا الإشكال ليست غاية مفعوله رفع اليد عن ذلك الظهور حتّى يقال: إنّ هذا لا يضرّ بالاستدلال؛ لعدم ارتباطه بذلك الظهور حسب الفرض، بل هذا الإشكال يولّد ـ لا محالة ـ الظنّ بوقوع سقط أو خلل في الرواية، فيكون إخبار الراوي وشهادته على أنّ هذا المقدار هو الصادر من الإمام(عليه السلام) بدون أيّ خلل موهوناً، باعتبار