المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

732

إلاّ أنّ هذا إنّما يتمّ إذا لم يتكوّن عندنا علم إجماليّ في دائرة الأخبار المبتلاة بالمعارض المخالف للكتاب، بأنّ الراوي في بعضها أرجح من حيث الصفات من راوي معارضه، وإلاّ فقد حصل الوصول الاجمالي، فيرجع الاشكال.

ويمكن أن يقال: إنّه تارةً يفهم من المقبولة بيان الترجيح الواقعي، واُخرى يفهم منها بيان الترجيح الفعلي، أعني بحسب الوظيفة الفعلية.

فعلى الأوّل يتمّ الإشكال. وأمّا على الثاني فلا يرد إشكال التخصيص بالفرد النادر؛ إذ عند الشكّ في التفاضل يجري استصحاب عدم التفاضل، فتكون الوظيفة الفعلية هي الترجيح بموافقة الكتاب.

وأمّا النسبة بين رواية الراوندي والمرفوعة فتارةً نبني على أنّ الشهرة في المرفوعة ليست مرجّحة، وإنّما هي لتمييز الحجّة من اللاحجّة، واُخرى نبني على أنّها ذكرت كمرجح:

فعلى الأوّل تكون المرجّحات في المرفوعة اثنين بعدد مرجّحات رواية الراوندي، والروايتان متّفقتان في المرجّح الثاني، وهو مخالفة العامّة، ومختلفتان في المرجّح الاوّل الذي هو في المرفوعة عبارة عن الصفات، وفي المقبولة عبارة عن موافقة الكتاب، فالتعارض بالعموم من وجه. فإمّا أن نبني على استحكام التعارض فيتساقطان في مادّة الاجتماع، فتحصل نتيجة العرضية. وإمّا أن نبني على الجمع العرفي بينهما بالحمل على العرضية، بتقريب: أنّهما لو جمعا في كلام واحد بأن قال الإمام: إذا تعارض خبران فرجّح بموافقة الكتاب، ورجّح بالصفات، لفهمت العرضية، والمنفصلات كالمتّصلات بحكم القاعدة الميرزائية التي مضت. هذا بلحاظ المرجّح الأوّل.

وأمّا بلحاظ المرجّح الثاني وهو مخالفة العامّة، فإنْ فقدت موافقة الكتاب مع الأرجحية في الصفات، فلا إشكال في انتهاء النوبة إلى الترجيح بمخالفة العامّة. وإن وجدت إحدى المزيّتين فلا إشكال في تقدّمها على مخالفة العامّة؛ لأنّها مقيّدة بقيدين حسب الجمع بين كلا التقييدين الموجود في الروايتين. وإن كانت إحداهما موافقة للكتاب والاُخرى أرجح في الصفات فقد يقال ـ بناءً على الجمود على حاقّ اللفظ ـ بأنّه لا تصل النوبة إلى الترجيح بمخالفة العامّة؛ لأنّ هذا الترجيح مشروط في إحدى الروايتين بالتساوي في الصفات، وهذا الشرط غير حاصل، وفي الاُخرى بالتساوي في موافقة الكتاب ومخالفته، وهذا الشرط ـ أيضاً ـ غير حاصل.

وقد يقال، بأنّ المستظهر عرفاً من الروايتين أنّ مخالفة العامّة هي المرجّح بعد عدم مرجّح