المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

736

 

 

 

التخيير الفقهي والتخيير الاُصولي

 

الأمر الأوّل: في أنّنا لو بنينا على التخيير ـ ولم نبنِ عليه ـ فهل هو تخيير اُصولي أو تخيير فقهي؟

والفرق بينهما هو أنّ الأوّل تخيير في الحجّيّة التي هي حكم أصولي، والثاني تخيير في الحكم التكليفي العملي. والبحث في ذلك يقع في ثلاث جهات:

الأولى: في ا مكان تصوير التخيير الاُصولي والفقهي في المقام بنحو معقول ثبوتاً وعدمه.

الثانية: في أنّه بعد فرض معقوليتهما معاً ما هو المستظهر من الدليل؟

الثالثة: إذا استظهرنا التخيير الاُصولي، فاختار الفقيه أحدهما، فهل يفتي على طبق ما اختار، أو يفتي بالتخيير؟

أمّا الجهة الاُولى: فتارةً نتكلّم في تصوير التخيير الاُصولي، واُخرى في تصوير التخيير الفقهي.

أمّا التخيير الأصولي، فتصوير التخيير في باب الوجوب كان بأحد شكلين: أحدهما تعلّق الوجوب بالجامع بنحو صرف الوجود. والثاني فرض وجوبين مشروطين.

والكلام في أنّ أيّاً من الشكلين معقول في باب الحجيّة؟ فنقول:

أمّا التخيير في الحجيّة بالشكل الأوّل، بأن تتعلّق الحجيّة بالجامع فغير معقول وإن كان هذا التخيير معقولا في باب الوجوب. وتوضيح الفرق بينهما يكون بذكر أمرين:

الأوّل: إنّ الحكم إذا تعلّق بالجامع بنحو مطلق الوجود سرى إلى الأفراد كإكرم العالم، وإذا تعلّق به بنحو صرف الوجود استحال سريانه إلى الأفراد ببرهان أنّه لو سرى إلى الجميع للزم وجوب الإتيان بالجميع، وكونه بنحو مطلق الوجود، ولو سرى إلى بعض دون بعض كان ترجيحاً بلا مرجّح، ونسبة الجامع إليهما على حدّ سواء، فالحكم يبقى معلّقاً على نفس الجامع.

الثاني: إنّ الغرض المرغوب فيه لو كان لا يحصل بثبوت الحكم على الجامع ويتوقف على سريانه إلى الأفراد لم يعقل تعلّقه بالجامع بنحو صرف الوجود؛ لما عرفت من أنّ الحكم