المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

743

الحلّيّة التنجيزيّة، وتلك الحرمة التعليقيّة كانتا مجتمعتين بوجوديهما الوجداني في حالة العنبيّة، ولم يكن أيّ تعارض أو تناف بينهما، باعتبار أنّ الحلّيّة كانت مغيّاة بما تكون الحرمة معلّقة عليه، وهو الغليان، وحينما نستصحب ـ أيضاً ـ نستصحب الحرمة المعلّقة بما هي معلّقة، والحرمة المغيّاة بما هي مغيّاة، فإذا لم يتعارضا بوجودهما الوجداني فكيف يتعارضان بوجودهما الاستصحابي؟! واستصحاب الحلية المغيّاة ينفي الحلّيّة الفعلية بعد حصول الغاية، ولا يُبقي مجالا لاستصحاب الحلّيّة الفعلية بعد حصول الغاية.

وهذا الجواب لو تمّ في مثل مثال العنب والزبيب لا يتّم في ما نحن فيه، فإنّ استصحاب حجّيّة الخبر الثاني المعلّقة على الأخذ به معارض باستصحاب الحجّيّة الفعلية للخبر الأوّل الذي أخذنا به في ما سبق، ولم يثبت كون تلك الحجّيّة مغيّاة بالأخذ بالخبر الثاني حتّى يقال: إنّ استصحاب تلك الحجّيّة المغيّاة بما هي مغيّاة لا يُبقي مجالا لاستصحاب الحجّيّة الفعلية بعد حصول الغاية؛ إذ لو ثبت كونها مغيّاة بالأخذ بالخبر الثاني لكان معناه العلم بكون التخيير استمرارياً لا ابتدائياً.

وقد تحصّل: أنّه بناءً على المباني المتعارفة عند الأصحاب لا مجال لاستصحاب التخيير بناءً على كونه اُصولياً.

وأمّا إذا بنينا على التخيير الفقهي فلا يوجد إشكال في استصحابه(1) هذا تمام الكلام في الأمر الثاني، وقد كان هذان الأمران راجعين إلى التخيير.

 

 


(1) ويكون الأشكال المهم في استمراريّة التخيير عند ذلك هو أنّه تلزم منها في بعض الأحيان المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي، كما لو دلّ في مورد مّا خبر على القصر وخبر آخر على التمام، فاخترنا في بعض الأيام حديث القصر وفي بعضها حديث التمام، فلو قلنا: إنّ مخدور المخالفة القطعية في أحد الموردين التوأم مع الموافقة القطعية في الآخر أشدّ من محذور المخالفة الاحتمالية في الموردين التوأم مع الموافقة الاحتماليّة في الموردين إمّا لأنّ العلم الإجمالي علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة، وإمّا لأنّ الفهم العرفي يتقبّل الثاني ولا يتقبّل الأوّل، أشكلت استمرارية التخيير في أمثال هذه الموارد.