المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

744

 

 

 

هل تشمل الأخبار العلاجية موارد إمكان الجمع العرفي؟

 

الامر الثالث: في أنّ الرجوع إلى الأخبار العلاجيّة هل يكون بعد عدم وجود جمع عرفي، أو يجب الرجوع إليها حتّى مع الجمع العرفي؟

لا إشكال في أنّ إعمال ما هو مقتضى القواعد في التعارض لو خُلّينا نحن ومقتضى القواعد إنّما يكون بعد عدم وجود الجمع العرفي كما مضى مفصّلا فيما سبق، ولكن قد يقال في الأخبار العلاجية: إنّها لا تختصّ بمورد عدم الجمع العرفي؛ وذلك لأنّ الميزان في الرجوع إلى تلك الأخبار لو كان هو التعارض في الحجّيّة لما وصلت النوبة اليها مع الجمع العرفي، اذ لا تعارض في الحجّيّة عندئذ، لكنّ المستفاد من الأخبار العلاجية هو أنّ الموضوع لأحكامها هو الخبران المتعارضان في الدلالة والمضمون، والتعارض الدلالي والمضموني ثابت حتّى مع فرض وجود الجمع العرفي، فمقتضى إطلاق تلك الأخبار هو العمل بما فيها من أحكام بغضّ النظر عن الجموع العرفية. نعم، تلك الأخبار لا تشمل موارد الورود؛ إذ مع الورود لا يبقى تعارض دلالي حقيقةً.

فالمتحصّل: أنّ مقتضى إطلاق الأخبار العلاجية هو إسقاط الجموع العرفية والرجوع دائماً إلى تلك الأخبار. وهذا خلاف ما عليه الفقهاء خارجاً، فما هو الجواب عن هذه الشبهة؟

يمكن الإجابة عن ذلك بوجوه، نقتصر منها على أربعة:

الوجه الأوّل: أنّ ظاهر حال السائل هو أنّه وقع في الحيرة من ناحية الخبرين المتعارضين، فأخذ يسأل عن الموقف تجاههما، ومع وجود الجمع العرفي لا يحتار حتّى يسأل، فهذه قرينة على اختصاص تلك الأخبار بغير موارد الجمع العرفي.

ويرد عليه: أنّ الحيرة قد تكون في فهم مدلول مجموع الخبرين، وهذه الحيرة تختصّ بغير موارد الجمع العرفي، وقد تكون في أنّ الشارع هل هو أمضى فهم المدلول من مجموع خبرين بنحو الكسر والانكسار والجمع العرفي، كما أمضى حتماً فهم المدلول من اللفظ الظاهر ابتداءً من دون كسر وانكسار، أو لا؟ وهذه الحيرة يمكن أن تعرض حتّى عند موارد الجمع العرفي،