المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

747

 

 

 

هل تشمل الأخبار العلاجية المتعارضين بالعموم من وجه؟

 

الأمر الرابع: في أنّه هل نرجع إلى الأخبار العلاجية والترجيحات في المتعارضين بالعموم من وجه أو لا؟

نقل السيد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(1) عن اُستاذه المحقّق النائيني(رحمه الله)التفصيل بين


حديثنا عن هذا الوجه حديث المجلس، وليس ضمان صحّته بقدر ضمان حديث الدرس.

وذاك الوجه هو: أنْ يتمسّك بسيرة المتشرّعة في زمن الأئمّة(عليهم السلام)، ويخصّص بها إطلاق الأخبار العلاجية.

وقال (رحمه الله): هذا ـ أيضاً ـ أخصّ من المدّعى؛ لإن هذا بحاجة إلى شواهد تأريخية تشهد لهذه السيرة، ولم نظفر بشواهد من هذا القبيل تدلّ على أنّهم كانو يقدّمون الأظهر على الظاهر. نعم، توجد بعض الشواهد على تقديم الخاصّ على العامّ، وحمل الأمر على الاستحباب عند ورود الرخصة. وهذا ثابت حتّى مع فرض أظهريّة العامّ أو الأمر، وذلك بالقاعدة الميرزائية القائلة بأنّ ما هو قرينة عند الاتّصال فهو قرينة عند الانفصال.

والشواهد التي قلناها هي من قبيل أنّنا حينما نراجع أقدم الآثار الاُصولية شيعةً وسنّةً نرى أنّها متّجهة نحو الجمع بين العامّ والخاصّ بالتخصيص، ونرى في الروايات أنّه كثر ذكر العامّ والخاصّ، والناسخ والمنسوخ، فيقال مثلا: إنّ الحديث كالقرآن يشتمل على العامّ والخاصّ، والناسخ والمنسوخ، ونرى أنّ ورود الأمر للاستحباب من دون قرينة متّصلة كثير وشائع جدّاً، بحيث لا يبقى شكّ في أنّ الأمر عند ورود الترخيص كان يحمل على الاستحباب، فيمكن أن يقال: إنّه بعد ارتكازيّة هذا الجمع على أساس شيوع اتّكال المتكلّم في إرادة الاستحباب على القرينة المنفصلة يتّجه القول بأنّه لو كان يُعمل بالترجيح لدى وجود المرجّحات خلافاً لهذا الارتكاز العقلائي لكان يصلنا ذلك حتماً.

والخلاصة: أنّه توجد قرائن من هذا القبيل على المقصود، لكنّها تختصّ بالعامّ والخاصّ، والناسخ والمنسوخ، والأمر والرخصة.

قد نقّحنا في محلّه أنّ النكتة العرفية لكلّ هذه الوجوه من الجمع هي الظاهرية والأظهرية، لا القاعدة الميرزائية، ولا كون الهيئة الناتجة من مجموع القرينة وذي القرينة لو كانتا متّصلتين دالّة على ذلك، ولا أيّ شيء آخر من هذا القبيل. إذن فيصحّ التعدّي من هذه الجموع الثابت باليقين تأريخياً وجودها لدى المتشرعة في زمان المعصوم إلى كلّ ما يساويها في الفرق في درجتي ظهور القرينة وذي القرينة، أو يزيد عليها. أمّا التعدّي إلى غير ذلك فلا.

(1) راجع الدراسات ج 4، ص 412 ـ 413 بحسب طبعة مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، وراجع أيضاً فوائد الاصول ج 4، ص 793 ـ 794 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم.