المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

75

الظهورين، فهنا لا يأخذ العرف بشيء من الظهورين. وبكلمة اُخرى: إنّ الراوي لا يشهد بعدم عنوان القرينة على الخلاف حتّى يقال: إنّ هنا عنوانين للقرينيّة، فتصحّ شهادته بلحاظ أحدهما وتبطل بلحاظ الآخر، وإنما يشهد بعدم واقع القرينة، فإذا بطلت هذه الشهادة، واحتملنا كون ذلك الواقع قرينة لصرف ظهور آخر أيضاً، اختلّ ـ لا محالة ـ الأخذ بذلك الظهور الآخر.

 

إمكان حلّ الإشكال المشهور:

وأمّا الجهة الثانية، فقد اشتهر جوابان رئيسان عن هذا الإشكال، أعني: إشكال أنّ الإعادة في المقام نقض لليقين باليقين:

1 ـ أنّ جوابه(عليه السلام) مبتن على كفاية الطهارة الظاهرية في صحّة الصلاة، بمعنى: أنّ الشرط الواقعي مثلاً هو الأعمّ من الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية في حال الصلاة، فانكشاف الخلاف لا يضرّ بصحّة الصلاة، فبالرغم من حصول العلم بعد الصلاة بالنجاسة في حال الصلاة لا بأس بتعليل عدم الإعادة بالاستصحاب.

2 ـ أنّ جوابَه(عليه السلام) مبتن على إجزاء الأوامر الظاهرية وعدم لزوم الإعادة بعد انكشاف الخلاف، فأيضاً لا بأس بالتعليل بالاستصحاب بالرغم من انكشاف الخلاف، لعدم مضرّيّة ذلك بعد فرض إجزاء الأمر الظاهري.

وقد اختلف موقف المحقّق الخراساني(قدس سره) في الكفاية من هذين الجوابين، فسلّم الجواب الأوّل من دون أيّ دغدغة وإشكال، ولكنّه استشكل في الجواب الثاني وإن كان ذكر له بعد ذلك توجيهاً(1).

وقد ذكر المحقّق النائيني(قدس سره) في المقام: أنّه لا وجه للتفصيل بين الجوابين، بل لا بدّ إمّا من قبولهما معاً، أو ردّهما معاً؛ فإنّ محصّل كلا الجوابين هو: أنّ الإمام(عليه السلام) بيّن في مقام تعليل صحّة الصلاة الاستصحاب، وهذا التعليل يصحّ بفرض كبرىً محذوفة في المقام وهي كبرى كفاية الطهارة الاستصحابيّة والظاهريّة واقعاً، أو كبرى إجزاء الطهارة الاستصحابية والظاهرية من باب إجزاء الحكم الظاهري، فإن لم نستسغ في المقام وجود كبرىً محذوفة لم يصحّ كلا الجوابين، وإن استسغناه صحّ كلاهما، ونحن نستسيغه، فإنّ حذف الكبرى هو الشيء


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 290 ـ 293، بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقة المشكيني.