المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

750

وفي المقبولة يقول: (الحكم ما حكم به أعدلهما) بناءً على تفسير ذلك بأنّ الخبر ما نقله أعدلهما.

على أنّ مناسبات الحكم والموضوع ـ أيضاً ـ تقتضي كون الترجيح بالصفات ترجيحاً سنديّاً، فحتّى لو لم يكن الترجيح بحسب ظاهر اللفظ مضافاً الى النقل كنّا نحمله على ذلك، وأمّا الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة فالذي يظهر من رواية الراوندي أنّه ترجيح دلالي، حيث قال: (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه...الخ) فإنّ الحديث عبارة عن المنقول لا عن النقل، فهذا يشمل بإطلاقه الخبرين القطعيي الصدور.

الثالث: هل تشمل المرجحات بحسب مقام الإثبات العامّين من وجه أولا؟(1)

فنقول: إن رواية الراوندي قد ذكرت مرجّحين: موافقة الكتاب، ومخالفة العامة. فإن فرضناهما مرجّحين سنديين فهما لا يجريان في العامّين من وجه، فإنّنا وإن تصورنا ثبوتاً جريانهما في العامّين من وجه بنحو يثبت التفكيك بين مادّة الإجتماع ومادّة الافتراق، وذلك ببيان: أنّ كلاًّ من الراويين له شهادة إثباتية وشهادة سلبية، أي الشهادة بسكوت الإمام عن المخصّص، فيدّعى أنّ الشهادة بالسكوت هي التي تسقط، لكنّ هذا ليس إثباتاً مستفاداً من ظاهر رواية الراوندي، حيث عبّرت بتعبير (الحديث)، ومن الواضح أنّ الحديث ليس معناه السكوت، وإنّما معناه الكلام، فمعنى الرواية هو أنّه حينما ورد عن الإمام كلامان متعارضان قدّم ما وافق الكتاب أو خالف العامّة على الآخر، فإن كان التعارض بينهما بنحو العموم من وجه، فإن فرض سقوط الخبر الآخر بتمامه كان هذا خلاف ظاهر الأخبار العلاجية، فإنّ ظاهرها هو العلاج والإسقاط بمقدار التعارض، ولعلّ هذا هو الذي دعا المحقّق النائيني (رحمه الله)إلى أن يقول: إنّ إسقاط أحد العامّين حتّى بمادّة افتراقه بلا موجب، فإنّ هذا الكلام روحه يرجع إلى أنّ الأخبار العلاجية لا توجب سقوط مادّة الافتراق. وهذا صحيح وإن كان لدينا إشكال في منهجته لطرح الإشكال كما عرفت. وإن فرض سقوط الخبر الآخر في مادّة اجتماعه فقط قلنا: إنّ النقل واحد: إمّا يسقط أو لا يسقط، وليس عندنا نقلان يسقط أحدهما ويثبت الآخر.


(1) تكلّم (رحمه الله) بلحاظ رواية الراوندي فحسب، إلاّ أنّ تطبيق النكات على الروايات الاُخرى بعد معرفتها سهل.