المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

753

وهذا الإشكال كما ترى لا يأتي في العامّين من وجه؛ لأنّ ما حمل على التقيّة بقيت له مادّة الافتراق.

وعلى أيّ حال، فهذا الإشكال غير صحيح حتّى في المتعارضين بالتباين على ما مضى بيانه فيما سبق.

ثمّ أنّ العاميّن من وجه قسّمه السيد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ على ثلاثة أقسام، فقد يكون كلاهما بالوضع، واُخرى كلاهما بمقدّمات الحكمة، وثالثة: أحدهما بالوضع والأخر بمقدمات الحكمة.

فإن كانا بالوضع فهو القدر المتيقّن من تطبيق المرجّحات عليه بناءً على ثبوتها في العامّين من وجه.

وإن كان أحدهما بالوضع والآخر بالإطلاق فقد يجمع بينهما بتقديم الظهور الوضعي على الظهور الإطلاقي، وقد تقدّم الكلام في ذلك.

أمّا لو لم يقدّم الظهور الوضعي على الإطلاق في مورد أو مطلقاً، التحق بالإطلاقين اللذين نبيّن الآن حكمهما.

وإن كان كلاهما بالإطلاق فقد استشكل السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ في تطبيق المرجّحات عليه، والوجه في ذلك: أن المرجّحات إنّما ثبتت في الحديثين المتعارضين، والإطلاق ليس حديثاً، وإنّما هو قرينة عقلية تثبت بلحاظ سكوت المتكلّم(1).

إلاّ أنّ الصحيح: أنّ هذا الإشكال غير وارد.

وهذا الإشكال يمكن أن يقرّب بتقريبين مختلفين وكلاهما غير صحيح:

التقريب الاول: أن يكون المقصود: أنّ الإطلاق إنّما يستفاد بالسكوت، والحديث عبارة عن الكلام لا عن السكوت.

ويرد عليه:

أوّلا: أنّ المقصود بالحديث هنا ما يعمّ نقل كلّ ما هو حجّة عن الإمام، سواء كان كلاماً أو لا، ولذا نعمل الترجيحات بين الخبرين الناقلين لفعل الإمام، أو تقريره، أو بين خبرين: أحدهما ينقل الكلام والآخر ينقل الفعل مثلا(2).


(1) راجع مصباح الاصول ج 3 ص 430.

(2) على أنّ السكوت يعتبر عرفاً حيثية تعليلية لدلالة الكلام على الإطلاق.