المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

758

إلاّ أنّ هذا إنّما يتمّ لو ثبت كون المأخوذ في موضوع الترجيح الجهتي هو الفراغ عن الصدور بهذا المعنى الأوّل.

الثاني: أن يقصد بذلك واقع الصدور، بأن يكون قد اُخذ في موضوع الترجيح الجهتي كون الخبر المخالف صادراً واقعاً، وعندئذ إن فرض تساويهما من حيث المرجّحات الصدورية أثبتنا صدور الخبر المخالف بدليل الحجّيّة العامّ، وهو لا يشمل الخبر الموافق للغويّة، وإن كان الخبر الموافق مشتملا على الترجيح الصدوري فعندئذ يجب أن نرى أنّ مفاد المرجّح الصدوري هل هو التعبّد بعدم صدور الآخر، أو هو نفي التعبّد بصدور الآخر؟ فإن كان الأوّل فدليل المرجّح الصدوري بنفسه ينفي موضوع الترجيح الجهتي؛ لأنّه نفى صدور الخبر الآخر المخالف للعامّة. وإن كان الثاني فدليل المرجّح الصدوري غاية ما صنع أنّه نفى التعبّد بصدور الخبر الآخر المخالف للعامّة، ونضمّ إليه استصحاب عدم صدوره، فبذلك ينفى موضوع المرجّح الجهتي، فالنتيجة بناءً على التفسير الثاني للفراغ عن الصدور ـ أيضاً ـ هي نتيجة الحكومة.

الثالث: أن يقصد بذلك كون الخبر في نفسه تامّ الملاك للحكم بصدوره، فدليل المرجّح الجهتي يرجع إلى قضية شرطية: شرطها كون الخبر المخالف تامّ الملاك في نفسه، بأن يكون خبر ثقة، جزاؤها إسقاط أصالة الجهة في الخبر الموافق، وعندئذ فلا يمكن نفي موضوع المرجّح الجهتي بوجه من الوجه، فإنّ موضوعه وهو كون الخبر تامّ الملاك في نفسه، وكونه خبر ثقة ثابت قطعاً، وليس هناك ما ينفيه ولو تعبّداً وتنزيلا مثلا، وعندئذ فالمرجّح الصدوري والجهتي في عرض واحد.

إذا عرفت هذا قلنا: إنْ فرضت قرينة خاصة في دليل المرجّح الجهتي تدلّ على فرض الفراغ عن صدور الخبر المخالف بأحد المعنيين الأوّلين فهو، وإلاّ فنفس طبيعة كون المرجّح جهتياً لا يقتضي تقييداً زائداً على الفراغ عن كونه في نفسه تامّ الملاك للحكم بالصدور، فلا يثبت تقديم أحد المرجّحين على الآخر.

وأمّا التقريب الثاني، فحاصله: أنّه فرق بين المرجّح الجهتي والمرجّح الصدوري، فالمرجّح الصدوري مفاده ترجيح أحد الخبرين لنكتة استحكام فيه، وهيّ الأصدقية مثلا. وهذا الاستحكام ثابت، سواء فرض له معارض أو لا، فإذا كان له معارض قدّم على معارضه لأجل ما فيه من الاستحكام. وأمّا المرجّح الجهتي فهو يقدّم أحد الخبرين صدوراً أو جهةً لنكتة وهن في الخبر الآخر، وتلك النكتة هي أنّ موافقة الخبر الآخر للعامّة جعلت أمارةً على التقيّة، إلاّ أنّ هذه الأماريّة لا تكون في خبر موافق للعامّة من دون معارض، ولذا