المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

76

المتعارف في تمام موارد التعليل، كما يقال: لا تشرب الخمر لأنّه مسكر. فإنّ هنا كبرىً محذوفة، أي: وكلّ مسكر حرام(1).

وذكر السيد الاُستاذ في المقام: أنّ هذين الجوابين في الحقيقة هما جواب واحد، وليسا جوابين حتّى يقال بصحّة التفصيل بينهما بقبول أحدهما دون الآخر، أو عدم صحّته، فإنّه لا معنى لإجزاء الحكم الظاهري إلاّ بتوسعة دائرة الواقع، ومن دون ذلك لا يتعقل الإجزاء، فمعنى كفاية الطهارة الظاهرية في المقام ليس على أيّ حال إلاّ توسيع دائرة شرط الصحّة، وهو الطهارة، فلا يوجد أيّ فرق بين الجوابين(2).

أقول: الفرق بين الجوابين هو: أنّ معنى توسعة دائرة الشرط الواقعي هي سعة الواجب، بمعنى أنّه ليس الواجب هو خصوص الصلاة مع الطهارة الواقعية، بل الواجب هو الصلاة مع الجامع بين الطهارتين، أو قل: الجامع بين الصلاة مع الطهارة الواقعيّة والصلاة مع الطهارة الظاهريّة؛ لكون الصلاة مع الطهارة الظاهريّة واجدة للملاك تماماً كالصلاة مع الطهارة الواقعية، ومعنى إجزاء الأمر الظاهري ليس هو توسعة دائرة الواجب باعتبار عدم اختصاص الملاك بخصوص الطهارة الواقعيّة، بل معناه تضييق دائرة الوجوب، وكون وجوب الصلاة مع الطهارة الواقعية مقيّداً بعدم الصلاة مع الطهارة الظاهريّة باعتبار كون الصلاة مع الطهارة الظاهرية مفوّتة للملاك، ومانعة عن إمكان تحصيل الملاك بعدها بالإتيان بصلاة أُخرى مع الطهارة الواقعية. وبهذا البيان يظهر مدى الفرق الكبير بين الجوابين. هذا ما يتعلّق بكلام السيّد الاُستاذ.

وأمّا ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله) من عدم إمكان التفصيل بين الوجهين في الصحّة والبطلان؛ لأنّنا إن لم نستسغ وجود كبرىً محذوفة بطل كلا الوجهين، وإن استسغناه صحّ كلا الوجهين، فبإمكان المحقّق الخراساني(رحمه الله) أن يفصّل بين الوجهين إذا أخذ بالشقّ الأوّل، وهو عدم استساغة الحذف ـ كما هو الصحيح بالمعنى الذي سوف نبيّن إن شاء الله ـ، وهذا التفصيل يتّجه بناءً على المبنى الذي اختاره المحقّق الخراساني(رحمه الله) في بحث الإجزاء، حيث ذكر هناك: أنّ مثل قاعدة الطهارة والحلّية (وقال: بل واستصحابهما في وجه قويّ) يدلّ على


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 350 ـ 351 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات: ج 2، ص 366.

(2) راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 57 ـ 58.