المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

77

توسعة دائرة الشرط الواقعي(1).

فبناءً على هذا المبنى نقول: إنّ الجواب الأوّل ـ وهو الجواب بتوسعة الشرط الواقعي ـ صحيح، ولا يلزم من ذلك حذف الكبرى، وهي هذه التوسعة؛ لأنّ هذه التوسعة مستفادة من نفس دليل الاستصحاب، أي: من نفس هذه الفقرة، وهي قوله: «وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ» والجواب الثاني غير صحيح؛ لأنّه(قدس سره) لا يقول باستفادة إجزاء الأمر الظاهري من نفس دليل الاستصحاب، فيقع الاحتياج إلى حذف الكبرى.

بقي الكلام في أصل صحّة هذين الوجهين في المقام وعدمها، والواقع: أنّ حمل الحديث على مسألة إجزاء الأمر الظاهري أو توسعة دائرة الشرط الواقعي كتوجيه للحديث أمر معقول، لكنّه ليس هذا تفسيراً موافقاً لظاهر الحديث، بل يبقى بعد ذلك التهافت وعدم الانسجام بين ظاهر السؤال في نفسه وظاهر الجواب في نفسه ثابتاً على حاله بنحو يحصل الظنّ بحصول خلل في الحديث، فيسقط عن قابلية الاستدلال به؛ وذلك لأنّ ظاهر الجواب في نفسه لا ينسجم مع هذين الوجهين، ونبيّن ذلك ضمن وجوه:

1 ـ أنّ ظاهر الاستدلال بحكم ظاهريّ ـ كما وقع في الحديث ـ إنّما هو الاستدلال به بما هو حكم ظاهري وطريق الى الواقع، لا بما هو موضوع لحكم واقعي(2)، وهذان الوجهان مفادهما هو النظر إلى الطهارة الظاهريّة بما هي موضوع لحكم واقعيّ من الإجزاء أو سعة دائرة الشرط، ومفيدة للصحّة الواقعيّة للصلاة.

2 ـ أنّه في هذا الحديث ذكر أوّلاً الحكم بعدم الإعادة، ثمّ علّل هذا الحكم بحكم آخر،


(1) راجع الكفاية: ج 1، ص 133، بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقة المشكيني.

(2) قد يقال: إنّنا لو أردنا التحفّظ على ما يفهم من روايات اُخرى وعليه الفتوى من صحّة صلاة من صلّى في النجس جاهلاً وإن انكشف له واقع الحال بعد الصلاة، فلا بدّ لنا من مخالفة هذا الظهور حتّى لو لم نقبل بما فهمه المشهور من حمل هذه الصحيحة على الاستصحاب في حال الصلاة، وقبلنا بما اختاره اُستاذنا من حملها على الاستصحاب بعد الصلاة، فان الصحّة

ـ على أيّ حال ـ واقعيّة؛ لأنّ الصلاة في النجس كانت عن جهل. نعم، قد يقال: إنّ مخالفة الظهور هذه إنّما كانت نتيجة دليل منفصل، وهي الروايات الاُخرى الدالّة على الصحّة الواقعيّة، فهذا لا يؤدّي إلى التهافت الداخلي في مفاد هذه الصحيحة الموجب لسقوط الاستدلال بها على الاستصحاب.

وقد يقال: لا مانع من تمسّك الإمام(عليه السلام) بالصحّة الظاهرية في المقام رغم ثبوت الصحّة الواقعية، وذلك بدعوى: أنّ مصحّح الصلاة واقعاً وإن كان هو الجامع بين الطهارة الواقعية والخيالية أو الظاهرية، إلاّ أنّ الفرد الأوّل هو أكمل الأفراد فآثر الإمام(عليه السلام) أن يثبت لزرارة الصحّة بالمستوى الأكمل ظاهراً بدلاً عن إثبات الصحّة بالمستوى النازل واقعاً.