المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

78

وهو عدم جواز نقض اليقين بالشكّ، ومثل هذا ينصرف بذاته بحسب الفهم العرفيّ إلى أن يكون تعليلاً لحكم أخصّ بحكم أعمّ لا تعليلاً لحكم بحكم آخر مباين وملازم له، أي: أنّه ينصرف بطبعة الأوّلي إلى أن يكون من قبيل قولنا: «يجب إكرام زيد؛ لأنّه يجب إكرام العالم» لا من قبيل قولنا: «يجب إكرام زيد لأنّه يجب إكرام عمرو» عند ما يكون وجوب إكرام عمرو مستلزماً لوجوب اكرام زيد، وعلى هذا فيلزم أن تكون الإعادة في المقام بنفسها صغرىً من صغريات نقض اليقين بالشكّ، مع أنّ الإعادة بنفسها ليست كذلك في المقام؛ لأنّه لو أعاد فهو يعيد لأجل حصول العلم له بعد الصلاة بالنجاسة. نعم، الحكم بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ يستلزم ـ بعد فرض إجزاء الحكم الظاهريّ أو توسعة الشرط الواقعيّ ـ الحكم بعدم الإعادة، فيكون من قبيل قولنا: «يجب إكرام زيد؛ لأنّه يجب إكرام عمرو»، وهذا خلاف الطبع الأوّلي لمثل هذا السياق.

والخلاصة: أنّه مهما ذكر حكم وعلّل بحكم، وأمكن أن يكون الحكم الثاني تعميماً للحكم الأوّل، أي: لم يكن من قبيل تعليل أمر بنهي، أو من قبيل تعليل وجوب إكرام زيد بوجوب إكرام عمرو، انعقد للكلام ظهور في أنّ المولى ليس بصدد بيان حكم جديد، وإنّما هو بصدد تعميم نفس الحكم الإوّل.

3 ـ أنّ هذين الوجهين، أعني: حمل الحديث على مسألة الإجزاء أو سعة الشرط الواقعي يستدعيان تقدير كبرىً محذوفة في المقام، وهي كبرى إجزاء الأمر الظاهريّ أو سعة الشرط الواقعيّ كما مضى ذلك في نقل كلام المحقّق النائيني(رحمه الله) وما وجّهنا به تفصيل المحقّق الخراساني(قدس سره) في المقام من دعوى عدم احتياج توسعة الشرط إلى كبرىً محذوفة إنّما يتم على مبنى المحقّق الخراساني(رحمه الله) الذي نقلناه آنفاً من استفادة التوسعة من نفس لسان دليل الأصل، وحيث إنّنا لا نقبل هذا المبنى فيبقى الاحتياج إلى كبرىً محذوفة ثابتاً على حاله. وعليه نقول: إنّ وجود كبرىً محذوفة من هذا القبيل في المقام ليس منسجماً مع البيان العرفيّ، وإنّ الحذف في نفسه خلاف الظاهر المستساغ ما لم تكن هناك نكتة عرفيّة تجعل الحذف عرفيّاً. وما مضى من المحقّق النائيني(رحمه الله) ـ من دعوى: أنّ حذف الكبرى في التعليل هو الشيء المألوف دائماً في موارد التعليل كما في قولنا: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر» فإنّ هنا كبرىً محذوفة، وهي قولنا: «وكلّ مسكر حرام» ـ(1) في غير محلّه، فإنّه بعد أخذ المدلول السياقي


(1) كأنّ هذا المقطع مستنبط من كلام الشيخ النائيني(رحمه الله) وإلاّ فلا يوجد في شيء من التقريرين النقض بمثل