المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

79

بعين الاعتبار يرى أنّه ليس هناك شيء محذوف في مثل قولنا: (لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر). توضيح ذلك: أنّه (بناءً على صحّة ما اشتهر في لسان الأصحاب من أنّ التعليل يلغي خصوصية المورد، وأنّ تلك الخصوصيّة لا تؤخذ في نفس العلّة، وأنّ التعدّي في قولنا: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر» ليس لخصوص نكات مركوزة في هذا المثال من قبيل مناسبة الحكم والموضوع، بل يكون لنكتة عامّة في المقام، وهي: أنّ العلّة ـ بحسب قانون التعليل ـ تكون نفس الإسكار (لا إسكار الخمر بأن يؤخذ قيد الخمر في العلّة) نقول: إنّ الوجه في التعدّي في موارد منصوص العلّة هو أنّ العرف يفهم ـ بحسب المدلول السياقي من تصدي المولى للتعليل ـ أنّه يكون في مقام إلغاء خصوصيّة المورد، فإذا قال المولى: «لا تشرب الخمر لإسكاره، أو لأنّه مسكر؛ أو لأنّه مسكر بالتخمر» يكون تصدّي المولى في المقام لتعليل الحكم ظاهراً ـ بحسب المدلول السياقي ـ في أنّه بصدد رفض خصوصيّة المورد، وهي الخمرية، ومع رفض هذه الخصوصيّة وإسقاطها عن الحساب تتبقّى ـ لا محالة ـ خصوصيّة الإسكار المذكورة في التعليل؛ إذ لا خصوصيّة اُخرى في الكلام، فتفهم ـ لا محالة ـ حرمة كلّ مسكر بلا حاجة إلى تقدير كبرىً كلّيّة، وهي قولنا: «كل مسكر حرام».

هذا كلّه في مثل قولنا: «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر» وأما إذا اُريد تطبيق ما ذكرناه على ما نحن فيه، أي: على مثل قولنا: «لا تعيد للاستصحاب» فغاية ما ينتج هي إسقاط خصوصيّة المورد، ومعنى ذلك: هو عدم الإعادة في كلّ موارد الاستصحاب كما كان معنى إسقاط خصوصيّة المورد في قولنا: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر» هو حرمة شرب كلّ مسكر، ولكن في قولنا: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر» كان ينتهي بهذا كلّ شيء؛ لأنّ المسكر كان هو الموضوع بنفسه للحكم بالحرمة بلا حاجة إلى همزة وصل بينهما في المقام، فلم يبقَ أيّ نقص وحذف في الكلام. وأمّا في ما نحن فيه فليس الاستصحاب بنفسه هو الذي يحمل عليه الحكم بعدم الإعادة، وإنّما ربط هذا الحكم بالاستصحاب حسب الفرض بواسطة حكم آخر محذوف في المقام، وهو الحكم بتوسعة الشرط الواقعي أو بتضيّق الوجوب الواقعيّ بصورة عدم الإتيان بالصلاة مع الطهارة الظاهريّة مثلاً. وهذه هي المؤونة الزائدة في المقام غير الموجودة في مثل قولنا: «لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر».

 


(لا تشرب الخمر؛ لأنّه مسكر).