المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

82

أو لا فرق بينهما، فهما شيء واحد، فلا يبقى موضوع للحديث عن أنّه هل الطهارة شرط أو النجاسة مانعة. وعلى تقدير وجود فرق مضمونيّ بينهما هل تترتّب على هذا الفرق ثمرة أو لا؟ فإنّ هاتين النقطتين وقعتا مثاراً للشكّ والترديد من قبل المحقّقين:

فالمحقّق الإصفهاني(رحمه الله) ناقش في النقطة الاُولى، وهي وجود فرق مضموني بين شرطيّة الطهارة ومانعيّة النجاسة ببيان: أنّ الطهارة لو كانت ضدّاً وجودياً للنجاسة لصحّ الفرق المضمونيّ بين شرطيّة الطهارة ومانعية النجاسة الراجعة إلى شرطيّة عدم النجاسة، فإنّ شرطية عدم أحد الضدّين غير شرطية الضد الآخر، لكن الطهارة ـ في الحقيقة ـ ليست إلاّ عبارة عن عدم النجاسة، فشرطيّة الطهارة ـ أيضاً ـ معناها شرطيّة عدم النجاسة، فلا يبقى فرق مضموني بين شرطيّة الطهارة ومانعيّة النجاسة(1).

كما أنّ السيّد الاُستاذ ناقش في النقطة الثانية، أعني: ترتّب الثمرة بعد الاعتراف بالنقطة الاُولى، فذكر: أنّه لا توجد ثمرة فقهيّة تترتّب على كون الطهارة شرطاً أو النجاسة مانعة(2).

وقبل تنقيح المطلب نلفت النظر إلى مقدّمة وهي أنّ الأصحاب ـ قدّس الله أسرارهم ـ ذكروا: أنّ عدم النجاسة مثلاً قد يفترض شرطاً في الثوب، واُخرى في المصلّي، وثالثة في الصلاة.

ومن الواضح أنّ أحد طرفي الإضافة في الشرط وهو المشروط بأيّ شكل تصوّرنا الشرط هو ذات الصلاة، وإلاّ لما تقيّدت به، وبالتالي لم تبطل الصلاة في الثوب النجس، فهذا التقسيم يجب أن يكون ناظراً إلى الطرف الآخر من طرفي الإضافة، فإذا تكلّمنا بلسان المانعيّة فتارةً نفترض الظرفيّة بين الصلاة والنجاسة فنقول: إنّ صحة الصلاة مشروطة بعدم وقوع الصلاة في النجاسة أو بعدم وقوعها في النجس، وهذا ما يعنونه من كون عدم النجاسة شرطاً في الصلاة، واخرى نبدّل هذه الإضافة الظرفيّة الى الإضافة بين الثوب والنجاسة وهذا ما يعنونه من كون عدم النجاسة شرطاً في الثوب، أو نبدّلها الى الإضافة بين المصلّي والنجاسة أو بينه وبين النجس وهذا ما يعنونه من كون عدم النجاسة شرطاً في المصلّي، ففي الواقع يبقى المشروط في الصورة الثانية والثالثة ـ أيضاً ـ نفس الصلاة بلا إشكال، ولكن الشرط أصبح عبارة عن نفي الإضافة بين الثوب والنجاسة، أو بين المصلّي والنجاسة


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 72 بحسب طبعة آل البيت.

(2) راجع المصباح: ج 3، ص 54 ـ 57.