المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

84

من ملاحظة حال تلك الثمرات بعد تصوير تلك الفروض بالنحو الذي عرفناه هنا.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ الصحيح خلافاً للمحقّق الإصفهاني(قدس سره) وجود فرق ذاتي بين فرض الطهارة شرطاً وفرض النجاسة مانعة:

أمّا على الوجه الأوّل فواضح؛ لأنّ الثوب الطاهر أمر وجودي في مقابل الثوب النجس ولو كانت الطهارة أمراً عدمياً، وعليه فاشتراط أحدهما غير اشتراط عدم الآخر.

وأمّا على الوجه الثاني والثالث، فلأنّ مفهوم الطهارة الخبثية وإن لم يكن بازائها أمر وجودي في الخارج أو في عالم الفرض والتشريع من قبيل النورانية التي تقال مثلاً في الطهارة الحدثية، لكن هذا لا يعني كون الطهارة أمراً عدميّاً محضاً، بل هي أمر عدمّي مطعّم بشيء من الثبوتيّة (ولا يستفاد من مسلّمات المحقّق الإصفهاني خلاف ذلك)، فالطهارة تفترق عن عدم النجاسة من قبيل افتراق عنوان الفوت عن عدم الإتيان الذي يقال: إنّه لا يثبت باستصحاب عدم الإتيان، ولا أقلّ في تطعيم الطهارة بشيء ثبوتي من تطعيمها بمسألة الاتّصاف، فلا تكون عدماً نعتيّاً، إذن فاشتراط أحدهما غير اشتراط عدم الآخر.

وأمّا ما ذكره السيّد الاُستاذ من إنكار الثمرة بين شرطيّة الطهارة ومانعيّة النجاسة فهو ـ أيضاً ـ غير صحيح، فإنّنا نبرز ظهور الثمرة بينهما في موردين:

الأوّل: في جريان البراءة أو الاشتغال لدى الشكّ في طهارة الثوب، فعلى اشتراط الطهارة يجرى الاشتغال مطلقاً، وعلى مانعيّة النجاسة تجري البراءة على بعض الصور المتقدّمة.

والوجه في ذلك هو ما مضى في مبحث الشبهة الموضوعيّة من البراءة والاشتغال من أنّه إذا كان الشكّ في انطباق العنوان المتعلّق للحكم على حصّة من الحصص كان الشكّ شكّاً في التكليف، وتجري البراءة، كما لو شككنا في صدق عنوان قتل المؤمن الحرام على قتل زيد؛ للشكّ في إيمانه، فتجري البراءة بقطع النظر عن انقلاب الأصل في الدماء مثلاً، وإذا أحرزنا انطباق العنوان على الحصّة وشككنا في تحقّق تلك الحصّة بفعلنا، كان الشكّ شكّاً في الامتثال، كما لو شككنا في أنّه بإطلاقنا هذا الرصاص هل يقتل زيد المؤمن لمصادفته إيّاه، أو


الحال في ذاتها، وليست مسبوقة بحالة سابقة تستصحب في المقام.

ثم استظهر(رحمه الله) من الأدلّة الثالث، أعني: مانعيّتها عن الصلاة بما هي من الخصوصيّات اللاحقة لنفس الصلاة دون المصلّي مثلاً أو ما يصلّي فيه.