المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

89

ذات النجاسة في موضوع المانعيّة، أو أخذ تنجّز حكم آخر من أحكام النجاسة غير المانعية في موضوع المانعية.

فإنّه يقال: إنّ المفروض في المقام أن يكون المقصود بالتنجّز تنجّز المانعيّة. أمّا ذات النجاسة ـ بما هي حكم وضعي ـ فهي لا تقبل التنجيز والتعذير. وأمّا تنجّز حكم آخر غير المانعيّة من أحكام النجاسة، فيلزم من أخذه في موضوع المانعيّة صحّة الصلاة في اللباس النجس عمداً إذا لم يكن له أيّ أثر آخر قابل للتنجيز، أو كان له أثر آخر لكنّ الشخص كان جاهلاً به بحيث لم يتنجّز عليه، في حين أنّه لا إشكال في بطلان الصلاة في هذا اللباس عمداً.

ودعوى وجود أثر آخر قابل للتنجّز دائماً ـ ولا أقلّ من حرمة الدخول في الصلاة معه ـ غير صحيحة؛ إذ لو اُريد بذلك الحرمة التكليفيّة فهي ممنوعة، ولو اُريد بذلك الحرمة الوضعية فهي عبارة اُخرى عن المانعيّة، ولو اُريد بها الحرمة التشريعيّة فهي فرع احتمال المانعيّة، فيجب تصوير المانعيّة بقطع النظر عن الحرمة التشريعيّة.

وأمّا الثاني: وهو لزوم المحذور في عالم التنجيز؛ فلأنّه يلزم بطلان منجّزية العلم بالنجاسة فضلاً عن غيره من أدوات التنجيز، فلا يكون العلم بالنجاسة منجّزاً للمانعيّة سواء تكلّمنا في التنجيز الذاتي للعلم، أو تكلّمنا في التنجيز الذي يقال: إنّه يعرض للعلم الإجمالي بواسطة تعارض الاُصول وتساقطها:

أمّا الثاني؛ فلأنّه لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الثوبين فتعارض الاُصول إنّما يكون في موارد العلم الإجمالي بسبب لزوم المخالفة القطعيّة، وهنا لو جرى الأصلان معاً لم تلزم المخالفة القطعية، بل ارتفع بذلك ما هو دخيل في موضوع التكليف حسب الفرض وهو التنجيز.

وأمّا الأوّل؛ فلأنّ العلم بالنجاسة حتّى لو كان تفصيلياً لا يمكن أن يؤثّر في المقام أثره الذاتي من التنجيز؛ لأنّ العلم إنّما ينجّز لو تعلّق بتمام الموضوع، والمفروض أنّ التنجيز هنا دخيل في الموضوع، فمنجّزية هذا العلم فرع أن يكون علماً بالتنجيز أيضاً، وكونه كذلك فرع المنجّزية، فلزم الدور، وبتعبير أصحّ: أنّ منجّزيّة العلم فرع أن يكون علماً بتمام الموضوع في المرتبة السابقة، وهذا ليس علماً بالتنجيز في المرتبة السابقة.

وأمّا الثالث: وهو لزوم المحذور في المقام في مرحلة التعبّد الاستصحابي بالنجاسة، فلنوضّح الكلام في المقام في صياغة مبنىً من المباني في الاستصحاب الموضوعي، وهو مبنى كون مرجع الاستصحاب الموضوعي إلى جعل حكم مماثل لحكم ذلك الموضوع.

فنقول: إنّه لو كان الاستصحاب في المقام هو استصحاب تمام الموضوع كان الحكم المماثل