المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

93

نقول: نحن علمنا بنجاسة أحدهما وشككنا في نجاسة الثاني، فنجري أصالة طهارة الثاني، إذن فلم تتنجّز إلاّ نجاسة واحدة(1)، فلم تبطل إلاّ صلاة واحدة.

أقول: تارةً نتكلّم بناءً على دخل التنجّز في الموضوع، وهو الفرض الذي وقع الخلاف فيه بين فوائد الاصول والسيد الاُستاذ في أنّه هل يوجب بطلان كلتا الصلاتين أو إحداهما، واُخرى نتكلّم بناءً على دخل الوصول الذي يبدو أنّه مورد اتّفاق بينهما في أنّ الباطل واحد، فالكلام يقع في مقامين:

المقام الأوّل: في فرض دخل التنجيز، وأنّه هل يتنجّز واحد أو اثنان. والكلام فيه يقع في جهتين:

1 ـ في تشخيص الوظيفة الظاهريّة قبل انكشاف تنجّس كلا الثوبين.

2 ـ في تشخيص الحكم الواقعي بعد الانكشاف، وأن الوظيفة الظاهرية قبل الانكشاف هل تؤثّر في الوظيفة الواقعية بعده أو لا؟

أمّا الجهة الاُولى: وهي في مقدار ما هو المنجّز عليه قبل الانكشاف، فالتحقيق: أنّ الصور هنا ثلاث:

1 ـ أن يعلم بنجاسة أحد الثوبين ويحتمل نجاسة الآخر، ولا تعيّن للمعلوم واقعاً لو كانا نجسين.

2 ـ نفس الصورة الاُولى بفرق افتراض كون النجاسة المعلومة لها تعيّن واقعي، كما لو علم بنجاسة دمّيّة في أحد الثوبين واحتمل نجاسة بوليّة في الآخر.

3 ـ أن يعلم بنجاسة أحدهما وطهارة الآخر.

أمّا الصورة الاُولى(التي هي أشكل الصور) فقد يقال كما مضى عن السيد الاُستاذ: إنّنا نجري الأصل المؤمّن عن النجاسة الثانية بعنوانها الإجمالي، إلاّ أنّ هذا يحتاج إلى تعميق وتحقيق، فنقول: إنّنا تارةً نتكلّم في الاُصول العقليّة، واُخرى في الشرعيّة. امّا إذا تكلّمنا في الاصول العقليّة مبنيّاً على القول بالبراءة العقليّة، فبالإمكان أن يقال: إنّ نجاسة واحدة منجّزة بالعلم، والثانية مؤمّنة بالشكّ، ولا إشكال فيه، ولا يقال: إنّ الفرد المردّد لا وجود له،


(1) هذا الذي جعله اُستاذنا(رحمه الله) بياناً لحاقّ مراد اُستاذه يكون إلى هنا مصرّحاً به في المصباح: ج 3، ص 56. إلاّ أنّ ما ورد في مصباح الاُصول ليس بصدد إبطال الثمرة بين مانعيّة العلم بالنجاسة ومانعية تنجيزها، بل بصدد إبطال الثمرة بين شرطية الطهارة ومانعية النجاسة. نعم، يستنبط منه ـ أيضاً ـ قهراً بطلان الثمرة بين مانعية العلم بالنجاسة ومانعية تنجيزها، فراجع.