المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

96

بالإجمال تعيّن واقعي، فلا شكّ في أنّ إحدى الصلاتين بعينها باطلة والاُخرى بعينها صحيحة. وأمّا في الصورة التي لا يوجد له تعيّن واقعي، فهنا لو لم يكن هذا التأمين موجوداً لتنجّزت كلتا النجاستين وشملهما دليل المانعية، لكن بعد التأمين بمقدار الواحد لا يمكن لدليل المانعية شمولهما جمعاً، والشمول لأحدهما بعينه غير صحيح؛ لأنّ هذه النجاسة نسبتها إلى المعلوم الإجمالي كنسبة الاُخرى إليه، فلا مبرّر لتطبيق المعلوم على ذاك دون هذا، ولا يبقى في المقام إلاّ فرض جعل المانعية للمجموع بأن ينهى المولى عن الصلاة في مجموع الثوبين، وهذا معقول في صلاة واحدة، بأن يصبح لبس مجموعهما فيها مبطلاً لها، ولا يعقل في صلاتين بأن يحرم لبس المجموع حتّى بالتوزيع فيهما؛ لأنّ معنى ذلك: أنّ إحدى الصلاتين مقيّدة بعدم أحد الثوبين، وليست كلتاهما مقيّدة بذلك، وإلاّ لبطلت كلتاهما، وهو خلف عدم تنجّز كلتا النجاستين، وتقييد إحدى الصلاتين في المقام غير معقول؛ لأنّ التقييد إنّما يكون بلحاظ متعلّق الأمر، فلو تعلّق الأمر بعنوان إحدى الصلاتين تعقّل تقييدها، لكنّ الأمر متعلّق بكل واحدة من الصلاتين بعينها لا بإحدى الصلاتين، وبذلك يسقط دليل المانعية رأساً، ويجب الرجوع إلى قدر متيقّن في المقام،وعند ئذ قد يقال: إنّ القدر المتيقّن من المانعية لا يشمل المقام أصلاً، أو لا يقتضي أكثر من ترك إحدى الصلاتين تخييراً، ولكنّ الواقع: أنّنا لا نحتمل أن يكون فرض نجاسة كلا الثوبين أحسن حالاً من فرض نجاسة أحدهما، بأن يفترض أنّه لدى نجاسة أحدهما تبطل إحدى الصلاتين، ولدى نجاستهما معاً وعدم تعيّن للمعلوم بالإجمال تصحّ الصلاتان، أو يلتزم مثلاً بالمانعية التخييرية في فرض نجاستهما، أي: أنّه يجوز له أن يصلّي في أحد الثوبين، وصحّة صلاته في أحدهما مشروطة بعدم الصلاة في الآخر، أو إعادتها لو صلاّها فيه في ثوب آخر مثلاً، فهذا ـ كما ترى ـ تسهيل في فرض نجاسة كلا الثوبين غير موجود عند نجاسة أحدهما فقط؛ إذ المانعية هناك تعيينية وهنا تخييرية، وهذا ممّا لا نحتمله، وهذا معناه: أنّ القدر المتيقّن أكثر من هذا المقدار، فننتهي إلى مانعيّة كلتا النجاستين.

هذا. وقد تحصّل بما ذكرناه إشكالان على السيّد الاُستاذ.

أحدهما: مقتنص من الجهة الاُولى، وهو أنّ إجراء الأصل عن الثاني غير محتمل في بعض الأحيان(1).


(1) قد عرفت أنّ هذا غير صحيح.