المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

99

وهذا الوجه فرقه عن الوجه الأوّل هو أنّه لو كان الثوب مجرىً للأصل المؤمّن ولم يعرفه المصلّي، ثمّ تبيّن ذلك بعد الصلاة، صحّت صلاته على هذا الوجه، بخلاف الوجه الأوّل، ولكن يرد عليه: أنّه لو كان الثوب طاهراً واقعاً ولم يكن مؤمّن في المقام، لزم البطلان.

وبإمكانك بعد هذا استخراج صيغ اُخرى مع الالتفات إلى إشكالها، فلا يهمّنا هنا إلاّ ذكر ما هو الصحيح في المقام.

وهو: أن يجعل الشرط هو الجامع بين الطهارة الواقعية والمؤمِّن الذي هو جامع العلم الوجداني والمؤمّن الشرعي.

أو أن يبرز ابتداءً فردا المؤمّن ويجعل الشرط الجامع بين الاُمور الثلاثة، أي: الطهارة الواقعية والعلم الوجداني والمؤمّن الشرعي.

وجميع هذه الصور مشترك في عزل الطهارة الواقعية عن الشرطية، ويختلف بعضها عن بعض في جعلها فرداً للشرط وعدمه وعزلها عن الشرطية قد أثار ـ كما مرّ ـ مشكلة أنّه كيف يمكن استصحاب الطهارة مع عدم دخلها في صحّة الصلاة؟ والكلام حول هذه المشكلة يقع في مقامين:

أحدهما: بلحاظ الصور التي لا تجعل الطهارة فرداً للشرط، فإن انحلّ الإشكال فيها فقد انحلّ في كل الصور.

وثانيهما: بلحاظ الصور التي تجعل الطهارة فرداً للشرط.

أمّا المقام الأوّل، فالإشكال يمكن تقريبه بأحد وجوه ثلاثة:

1 ـ اللغوية؛ إذ الاستصحاب يعبّدنا بالطهارة، ولا أثر للمتعبَّد به في المقام.

ويندفع ذلك بأنّه يكفي في انتفاء اللغوية ترتّب الأثر على نفس التعبّد ولو لم يكن للمتعبّد به أثر في المقام. والتعبد هنا يحقّق لنا الطهارة الظاهرية المصحّحة للصلاة.

2 ـ أنّ مفاد الاستصحاب جعل المستصحب بقاءً من قبل الشارع، فلا بدّ أن يكون المستصحب قابلاً للجعل من قبل الشارع، بأن يكون حكماً شرعيّاً أو يكون موضوعاً لحكم شرعي حتّى يمكن جعل حكمه، والمستصحب في المقام ليس كذلك.

وكأنّ المحقق العراقي(قدس سره) كان ناظراً إلى هذا الوجه حيث قال: إنّ الإشكال يندفع إذا قلنا بأنّ الطهارة الخبثيّة من الأحكام المجعولة(1) وإلاّ فالوجه الأوّل مثلاً لا يندفع بهذا الجواب.

 


(1) راجع المقالات: ج 2، ص 350 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلامي، وراجع ـ أيضاً ـ نهاية الأفكار: