المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

16

3 ـ لو قلنا في باب العلم الإجمالي بالالتزام بأنّ قيام الأمارة في بعض الأطراف وفق المعلوم بالإجمال تحلّ العلم الإجمالي ولكن قيام الاصل المثبت للتكليف في بعض الأطراف لا يحلّه فقد يقال في المقام: إنّه بناء على اشتراك الحكم بين العالم والعامي في الحكم لو أفتى العالم في طرف من أطراف العلم الإجمالي وفق الحكم المعلوم بالإجمال على أثر أمارة دلّت عليه ففتواه أمارة للعامي على الحكم وينحلّ علمه الإجمالي، إمّا بناء على كون هذا الاشتراك في طول جواز التقليد فقد يقال: إنّ فتوى الفقيه عندئذٍ لا تكون إلا بحكم الأصل، فلا تحلّ العلم الإجمالي.

إلا أنّ هذه الثمرة أيضاً علمية أكثر منها عملية فإنّه لو سلّمنا التفصيل بين الأمارة والأصل في كون الاُولى تحلّ العلم الإجمالي دون الثانية فغاية ما نكتشف بذلك بعد فرض مسلّمية إمضاء ما يفهمه العرف من التقليد في مقام العمل هي أنّ فتوى الفقيه حتى ولو كانت في طول جواز التقليد جعلت أمارة وعلماً مثلاً لا أصلاً عملياً بحتاً، ولا تصل النوبة إلى اكتشاف اشتراك كلّ الأحكام الظاهرية بوجه من الوجوه بين العالم والعامي قبل التقليد وقبل جواز التقليد.

وعلى أيّة حال فلتكييف عملية التقليد في مورد الأحكام الظاهرية بنحو يرجع إلى قانون الرجوع إلى أهل الخبرة المرتكز لدى العقلاء وجوه:

الوجه الأول: ما قد يناسب مباني الشيخ النائيني رحمه الله من أنّ الفقيه يفتي بالواقع لا بالحكم الظاهري فحسب؛ وذلك على أساس العلم الإعتباري بالواقع. ولا إشكال في اشتراك الواقع بين الكلّ.

وهذا الوجه لا يتم مبنىً ولا بناءً؛ فإنّنا لا نؤمن بأصل مبنى جعل العلم اعتباراً، ولو كان فقد اختص الجواب بمورد الإفتاء بالأمارات دون الإفتاء بالاُصول، على أنّ العلم الاعتباري ليس خبرة كي يجعل التقليد رجوعاً إلى أهل الخبرة، فتقليد العالم بهذا العلم يشبه تقليد من حصل له العلم بالرمل أو الإسطرلاب أو الاستخارة ممّا لاعلاقة له بتقليد أهل الخبرة وإن كان تقليداً للعالم.

الوجه الثاني: أنّنا نستكشف من جواز التقليد والذي فرغنا عنه تمامية موضوع الحكم الظاهري بشأن العامي بتنزيل حالات الفقيه منزلة ثبوتها للعامي؛ فكأنّ فحص الفقيه فحص للعامي، وعلمه الإجمالي علم له ويقينه يقيناً له،

وهكذا.