المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

24

وفي ختام البحث عن إجزاء الرأي السابق بالنسبة للمقلِّد ينبغي إلفات النظر إلى نكتتين:

النكتة الاُولى: لو قلنا في مورد تساوي الفقيهين بالتخيير في التقليد وقلنا بأنّ التخيير تخيير فقهي لا اُصولي، أي إنّ المنجّز على المقلِّد إنّما هو مقدار الجامع بين الفتويين، وليست كلّ فتوى يختارها لأجل التقليد حجة له حتى في إبطال الفتوى الاُخرى وقلنا بأنّ التخيير استمراري وليس ابتدائياً فعدل المقلِّد على أساس استمرارية التخيير إلى الفقيه الثاني بعد أن كان قد عمل بفتوى الفقيه الأول فهنا يبدو أنّ الإجزاء نتيجة طبيعية لتلك المباني، أعني مباني التخيير الفقهية الاستمرارية، ولا نحتاج لإثبات الإجزاء هنا إلى البحث الذي بحثناه؛ فإنّ المقدار المنجَّز عليه سابقاً ولاحقاً هو الجامع بين الفتويين، وقد عمل في عمله السابق بالجامع ضمن عمله بالفتوى الأولى، فما عدا ممّا بدا حتى تجب عليه الإعادة أو القضاء؟ !

نعم ثم تبقى عليه مشكلة حصول العلم الإجمالي أحياناً ببطلان أحد عمليه، كما لو عمل في بعض صلواته بفتوى القصر، ثم عمل في صلوات اُخرى بفتوى التمام في الظروف المتشابهة لظروف الصلوات الاُولى، فهو يعلم إجمالا ببطلان إحدى الصلاتين.

بل ومشكلة حصول العلم التفصيلي بالبطلان أحياناً، كما لو قصر في الظهر على الفتوى الاُولى، ثم أتمّ في العصر على الفتوى الثانية مع تشابه الظرفين للصلاتين، فهو يعلم تفصيلاً ببطلان صلاة العصر؛ إمّا لزيادة ركعتين أو لفوات شرط الترتّب بين الصلاتين.

إلا أنّ هذه المشاكل هي في الحقيقة مشاكل القول بالتخيير الاستمراري، وسيأتي بحثها ضمن بحث التخيير إن شاء الله.

النكتة الثانية: لو عدل المقلِّد من الرأي الأول إلى الرأي الثاني مع بقاء الرأي الأول على ترجيحه على الرأي الثاني بلحاظ زمانه، فقد يبدو أنّ الإجزاء أمر طبيعي بلا حاجة إلى البحث السابق، مثاله: ما لو قلّد الأعلم في بعض أعماله ثم فسق الأعلم، فعدل إلى تقليد المفضول بناء على دليل تعبّدي على شرط العدالة في التقليد، فلا يمكن للفتوى الثانية أن تكشف عن بطلان الفتوى الاُولى بلحاظ زمانها؛ لأنّها بلحاظ الزمان الأول فتوى لفقيه جامع للشرائط، وقد كان أعلم من هذا الفقيه حتى بلحاظ الزمان الثاني، فالمفروض بالمقلِّد الآن أن يبقى على تقليد الفقيه الأول بلحاظ ما وقع منه من الأعمال في زمان عدالة ذاك الفقيه.