المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

8

ويمكن أن يذكر في المقام أحد تفصيلين:

التفصيل الأوّل: أنّ المقلّد يكون له عادة مستوى من الركون إلى قول الفقيه، كركون المريض إلى قول الطبيب، وغير ذلك من موارد الرجوع إلى أهل الخبرة.

وهذا الذي حصلت له ملكة الاستنباط قد يفترض أنّه زال عنه نتيجة لهذا المقام العلمي ذاك الركون إلى قول غيره من الذين استنبطوا بالفعل، فعندئذٍ لا يساعد الارتكاز على تقليده لغيره، بل عليه أن يستنبط أو يحتاط.

وقد يفترض أنّه لم يزل عنه ذاك الركون، فيساعد الارتكاز على تقليده.

أمّا ما شبّهنا به مورد البحث من المستنبط الفعلي، الذي يجعل رسالته العملية في الرف ولا يراجعها في ما ينساه ويكتفي بالتقليد في مورد نسيانه، فمن الواضح أنّ هذا الشخص أقرب إلى عدم الركون ممنّ هو واجد لمجرّد ملكة الاستنباط.

التفصيل الثاني: أنّ واجد الملكة قد يترك الاستنباط كسلاً، واُخرى يتركه لانشغاله باُمور اُخرى معاشية مثلاً، فقد يقال: إنّ الثاني واجد لنفس النكتة العقلائية الكامنة من وراء قاعدة الرجوع إلى أهل الخبرة، وتلك النكتة عبارة عن تقسيم كلّ التخصصات تسييراً للحياة؛ إذ لو فرض أنه كان على كلّ أحد أن يشتمل على كلّ التخصصات المحتاج إليها لشلّت عجلة الحياة عن السير، فهذا الثاني يجوز له التقليد بخلاف الأوّل.

والقدر المتيقن: أنّ الجامع لكلا العنوانين ـ أعني أوّلاً بقاء حالة الركون في نفسه إلى قول المستنبط، وثانياً حاجته إلى التقليد لانشغاله بسائر الاُمور الحياتية لا لأجل الكسل وحده ـ يساعد الارتكاز على تقليده للمستنبطين، وفاقد العنوانين لا يساعد الارتكاز على تقليده، وما بينهما متوسّطات.

ولو وسوس أحد في مساعدة الارتكاز على تقليد واجد العنوانين فلا أقلّ من وضوح أنّ العقلاء لا يمانعون من تقمّص قميص المولوية عن جعله لحجّية كلام أهل الخبرة بالنسبة لهذا الشخص، وعندئذٍ لا مانع من التمسك بإطلاق قوله: « فإنهم حجّتي عليكما » بل لعلّ أحد الأمرين ـ أعني الركون أو الحاجة الحياتية ـ كافٍ في عدم الممانعة هذه، وبالتالي في الرجوع إلى الإطلاق.