المولفات

المؤلفات > المعاطاة وأثرها المعاملي

11

المحور الثالث: الأدلّة الدالّة على لزوم المعاطاة

وأمّا اللزوم فالواقع أنّنا بعد أن أثبتنا أنّ المعاطاة بيع عقلائيّاً وعقدٌ عقلائيّاً فلا نحتاج لإقامة دليل خاصّ على اللزوم فيها وإنّما نرجع إلى أدلّة لزوم البيع أو العقد.

ونشير إلى أنّ العمدة في أدلّة اللزوم خمسة:

الدليل الأوّل: قوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾(1)على ما مضى من أنّها تدلّ على لزوم الإضافتين المتبادلتين، أو قل: لزوم العقود، والبيع عقد والمعاطاة عقد، فالبيع لازم والمعاطاة لازمة.

الدليل الثاني: قوله تعالى:﴿إلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاض مِّنكُمْ﴾(2)؛ فإنّها تدلّ على بطلان الفسخ من قبل أحد الطرفين من دون موافقة الطرف الآخر؛ لأنّ ذلك ليس تجارة عن تراض.

وصحّة هذا الاستدلال تكون في غاية الوضوح بناءً على فرض الاستثناء متّصلاً بأن نفسّر الآية بمعنى: «لا تأكلوا أموالكم بينكم بكلّ سبب فإنّه باطل:﴿إلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاض﴾(3)»؛ إذ لا إشكال في أنّ الاستثناء المتّصل يدلّ على الحصر.

وأمّا بناءً على فرض الاستثناء منقطعاً فيشكل الاستدلال؛ لأنّ الاستثناء المنقطع لا يدلّ على الحصر. إلا إذا استظهر أحد من نفس المقابلة بين السبب الباطل والتجارة عن تراض حصر السبب في هذين.

وهذا إن لم يكن مرجعه إلى استظهار الاستثناء المتّصل لم تكن الدلالة أكثر من مجرّد الإشعار.

الدليل الثالث: التوقيع الشريف عن الإمام الحجّة (عجل الله تعالي فرجة الشريف): «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا؟ !»(4).


(1) المائدة: 1 .
(2) النساء: 29 .
(3) النساء: 29 .
(4) الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الوسائل، 9: 541، ب. من الأنفال، ح 7.