المولفات

المؤلفات > عدم جريان المعاطاة في النكاح

8

ومعنى الآية ـ والله العالم ـ إن خفتم في نكاح اليتامى أن لا تقسطوا فيهنّ ـ على حسب العادة التي رُويت في تفسير الآية من أنّهنّ كنّ يُعاملن تحت أيدي من ربّاهنّ معاملة نازلة في خصوص حقوق الزوجيّة ـ فاتركوهنّ لأزواج آخرين وانكحوا أنتم ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع.

2 ـ قوله تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾(1).

وينبغي إلفات النظر إلى أنّ الإطلاق الحكميّ الذي تمّ في ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾(2) بالنسبة لكلّ ما يكون بيعاً عقلائيّاً لا يتمّ في هاتين الآيتين ولا في كلّ أمر يرد في الشريعة بالنكاح بالنسبة لكلّ نكاح؛ لأنّ الأمر بالنكاح في لغة كلّ متشرّع يحمل ـ لولا القرينة على الخلاف ـ على ما هو نكاح في تشريعه، فلو شككنا في نكاح مّا أنّه هل هو نكاح في تشريعه أو لا؟ كان التمسّك بالعام أو الإطلاق في ذلك تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقيّة، وهذا بخلاف ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾(3) ؛ فإنّ هذا ليس أمراً بالبيع، وإنّما هو تحليل للبيع، ولا معنى لتفسيره بتحليل البيع الشرعيّ؛ لأنّه يصبح عندئذٍ قضيّة بشرط المحمول، فليس معناه إلا تحليل البيع العقلائي، فيتمّ فيه الإطلاق الحكميّ لكلّ بيع عقلائيّ.

نعم، لو كانت المعاطاة نكاحاً في ارتكاز العقلاء ونظرهم لتمّ الإطلاق المقامي في الأوامر الواردة في الشريعة بالنكاح.

ولكنّنا وضّحنا في المقام الأوّل أنّ سيرةعقلائيّة من هذا القبيل غير موجودة، بل سيرتهم على العكس حتّى في أشدّ المجتمعات المتفسّخة.

3 ـ قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ... وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ...﴾(4).

وهذه الآية فرقها عن الآيتين السابقتين هو أنّها ليست بصيغة الأمر بالنكاح، بل بصيغة تحليله.

فربّما يتوهّم أنّ نسبته إلى أقسام النكاح كنسبة ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾إلى أقسام البيع.


(1) النور: 32.
(2) البقرة: 275.
(3) البقرة: 275.
(4) النساء: 22 ـ 23.