أحدهما: مرسلة حفص بن البختري وأبان بن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام): في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم، قال: «إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام، وإن دخل في غيره دخل بإحرام»(1).
والثاني: مرسلة الصدوق عن الصادق (عليه السلام): «إذا أراد المتمتّع الخروج من مکّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك؛ لأنّه مرتبط بالحج حتي يقضيه إلا أن يعلم أنّه لا يفوته الحج، وإن علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مکّة مُحلاً، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها مُحرماً»(2).
ولکن يعارض کلّ هذه الروايات موثّق إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المتمتّع يجيء فيقضي متعته ثمّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة وإلى ذات عرق، أو إلى بعض المعادن؟ قال: «يرجع إلى مکّة بعمرة إن کان في غير الشهر الذي تمتّع فيه؛ لأنّ لکلّ شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج». قلت: فإنّه دخل في الشهر الذي خرج فيه؟، قال: «کان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّى بعض هؤلاء، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج، ودخل وهو مُحرم بالحج»(3).
فإنّه (عليه السلام) أمر في هذا الحديث بالإحرام لمن يدخل في غير الشهر الذي تمتّع فيه ولو کان دخوله في الشهر الذي خرج فيه، واستشهد (عليه السلام) بفعل أبيه (عليه السلام) الذي أحرم بإحرام الحج المفرد من ذات عرق باعتبار أنّه کان مجاوراً لمکّة، فکانت وظيفته الإفراد.
ومقتضى الجمع العرفي بين هذه الموثّقة وبين ما جعل العنوان الذي يجب معه الإحرام، أو لا يجب دخوله في شهر الخروج، أو في شهر آخر ـ وهي الروايات الثلاث الاُولى ـ هو حمل هذا الأمر على الاستحباب.