المولفات

المؤلفات > مفهوم البيع في الفقه الإسلامي

11

ثمّ يقول: «ويستخلص من هذا التعريف أنّ البيع عقد ملزم للجانبين؛ إذ هو يلزم البائع أن ينقل للمشتري ملكيّة شيء أو حقّاً ماليّاً آخر ويلزم المشتري أن يدفع للبائع مقابلاً لذلك ثمناً نقديّاً. ويستخلص منه أيضاً أنّ البيع عقد معاوضة، فالبائع يأخذ الثمن مقابلاً للمبيع والمشتري يأخذ المبيع مقابلاً للثمن. ويستخلص منه كذلك أنّ البيع عقد رضائي؛ إذ لم يشترط القانون لانعقاده شكلاً خاصّاً فهو ينعقد بمجرّد تراضي المتبايعين. ويستخلص منه أخيراً أنّ البيع عقد ناقل للملكيّة، فهو يرتّب التزاماً في ذمّة البائع بنقل ملكيّة المبيع إلى المشتري كما هو صريح النصّ».

إلى أن يقول: إنّ التعريف يبيّن في وضوح أنّ الثمن لابدّ أن يكون من النقود. وهذا ما يميّز البيع عن المقايضة والصرف ويميّزه عن البيع في الفقه الإسلاميّ، ففي هذا الفقه يصحّ أن يكون الثمن من غير النقود فيتّسع البيع فيه ليشمل البيع المطلق والمقايضة والصرف والسلم.

ولعلّ أهمّ تطوّر في تاريخ البيع هو تطوّره ليكون عقداً ناقلاً للملكيّة... إنّ البيع لم يكن في القديم عقداً ناقلاً للملكيّة، فقد كان البيع في القانون الروماني لا يرتّب في ذمّة البائع التزاماً بنقل الملكيّة، بل التزاماً بنقل حيازة المبيع إلى المشتري إلا إذا اشترط المشتري على البائع أن ينقل له الملكيّة.

وكذلك كان الحكم في القانون الفرنسي القديم، فكانت الملكيّة لا تنتقل فيه إلا بالقبض، ولكن مراحل طويلة من التطوّر في هذا القانون انتهى إلى أن يكون القبض أمر صوريّاً، وكان يكفي أن يذكر في عقد البيع أن القبض قد تمّ حتّى تنتقل ملكيّة المبيع إلى المشتري، وقطع التقنين المدنيّ الفرنسي في سنة. 1804 م. آخر مرحلة من مراحل التطوّر، فجعل البيع ذاته ناقلاً للملكيّة؛ إذ رتّب في ذمّة البائع التزاماً بنقلها إلى المشتري. ومن ذلك الحين أصبح البيع ناقلاً للملكيّة في التقنينات الحديثة ومنها التقنين المصري السابق والتقنين المصري الجديد وإن كان الفقه الإسلاميّ قد تعجّل هذا التطوّر وجعل البيع ناقلاً للملكيّة قبل ذلك بدهور طويلة...» (1).


(1) راجع: السنهوري، عبد الرزّاق، الوسيط في القانون المدني، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. 1986 م، 4: 19 ـ 23، البند. ـ 10.